ثقافةصحيفة البعث

ملتقى هارموني الثقافي ورحلة أبجدية الفن والإنسان

آصف إبراهيم

بعد تأجيل لأكثر من عشرين يوماً بسبب الظروف الراهنة، يبدأ ملتقى هارموني الثقافي رحلته نحو أبجدية الفن والإنسان “قصة قوة بالفطرة” من خلال تظاهرة فنية كبيرة تشمل مجموعة أنشطة فنية متكاملة تعيد تشكيل أبجدية الفن والإنسان وروح الحضارة، تمنح من الماضي والحاضر مفرداتها لتستمد منها العبر والدروس المفيدة التي تشعل شمعة تضيء دروب الأجيال القادمة وتأخذ بيدها نحو الحب والسلام والعمل.

تضمنت التظاهرة التي استضافتها ساحة كنيسة مار مخايل في حي وادي السايح بحمص القديمة، معرض هارموني الثالث الذي يعيد قراءة ما حصل في سورية خلال ثلاث عشرة سنة عبر لوحات فنية ومفردات قصصية، شارك فيها مجموعة من الشبان الموهوبين في مجالات الأدب والرسم والموسيقا والنحت، وبإشراف نخبة من الأساتذة، منهم الكاتبة هيا الفحام والموسيقي نضال لطفي والنحات جيدا اغناطيوس والمصمم خالد جرعتلي والرسام يوسف المحمد.

يشارك في التظاهرة فرقة موزاييك، التي حوّلت اللوحات والقصص المكتوبة بلغة أدبية إلى مفردات موسيقية تقرأ ما وراء الألوان والكلمات المعبّرة عن آلام الإنسان ورحلة حياته، ألفها موسيقو فرقة موزاييك بموهبة وإحساس عالٍ بدأت مع قصة “منام مؤقت” التي تقول إن القوة في داخلك لا يمكن أن تفنى أبداً، وهي دعوة لتحدي الصعاب والنهوض من قلب الرماد، ثم حكاية “ليلة العيد” المعزوفة الثانية التي بدأت بمقدمة صولو البيانو.

وفي حكاية “قوة بالفطرة” تمنح حوارية البيانو والكمان الحكاية معاني روحية سامية، وفي حكاية “الجناحان” تحلق الفرقة في فضاء الإحساس بالطيران والغناء الذي يسمو بالروح وينقيها من كل تراكمات الحرب، وتأخذنا موزاييك عبر حكاية “لوحة خاصة” التي تبدأ موسيقياً بصولو العود، ثم حوار مع الناي.

ومن حكاية “أحقاً قام” ترسم الفرقة درب الآلام والخلاص باللحن والمفردات الموسيقية التي تختزل كلّ ما يمكن للسان أن ينطق به. أما “الأزرق” فهي حكاية تبدأ بأغنية فيروز “يسعد صباحك يا حلو” لتقودنا موسيقياً في رحلة الهجرة والاغتراب، ثم قصة “كان يا مكان”، وحكاية “زهر البيلسان” والختام مع حكاية “هارموني”.

تقام الفعالية الفنية برعاية مطرانية حمص وحماة وطرطوس للسريان الأرثوذكس، وإشراف الأب لوقا عوض مشرف الملتقى.

تقتفي الاحتفالية رحلة الإنسان بطموحاته وكبوته عبر التاريخ، وهي حصيلة ورشة فنية كبيرة استمرت لأيام عديدة، شارك فيها عدد كبير من الفنانين المحترفين والمواهب الشابة، تتضمن أفكاراً جديدة ومختلفة تحمل رسائل حضارية. تحويل قصص عاشها شبان يبحثون عن حلم وطموح وأمل بوطن أكثر جمالاً، إلى مقطوعات موسيقية تؤكد على البعد الحضاري للإنسان السوري.

للسنة الرابعة، بعد التأسيس، يسعى ملتقى هارموني ليكون أحد الملتقيات الفنية والثقافية المتميزة في محافظة حمص، وهو يهدي نشاطه هذا إلى الصابرين والصامدين رغم قسوة الحياة وحلاوتها، الذين يعيشون أبجديتها الخاصة ويكتبونها، يرسمونها ويصورونها ويصممونها ويعزفونها لحناً يليق بهم، الذين يستحقون الحياة الآن وكل آن، هم الجيل القادم والأمل الموعود.