دراساتصحيفة البعث

تحالف ثنائي قوي في القمة الصينية– الروسية

ريا خوري

لم تستطع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب الأوروبي بأكمله فرض العزلة الإجبارية التي تحول دون قيامه بزيارات خارج روسيا الاتحادية بعد صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية الذي يطالب بتوقيف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسبب اتهامات بحقه تتعلق بالحرب الساخنة التي تجري في أوكرانيا. فقد حسم الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينغ الإجابة عن سؤال التحدي الصعب الذي انتشر في المحافل الدولية كالنار في الهشيم: هل سيذهب الرئيس بوتين إلى الصين للمشاركة في الاحتفالات الضخمة بمرور عشر سنوات على إطلاق مبادرة الحزام والطريق؟.

يُذكر أن الرئيس الروسي بوتين قدّم اعتذاره عن حضور قمة دول تجمع الــ(بريكس) في جوهانسبرغ في جنوب إفريقيا بتاريخ 21 آب الماضي لعدم إحراج قادة جنوب إفريقيا ووضعها في موضع التحدي لقرار المحكمة الدولية.

من هنا أتت أهمية زيارة بوتين للمشاركة في المنتدى المشار إليه ولعقد قمة خاصة مع نظيره الصيني شي جين بينغ في اليوم الثاني من أعمال القمة يوم الأربعاء 18/10/2023، لأن هذا يعني أنَّ تحدي الولايات المتحدة أضحى مزدوجاً روسياً- صينياً، على عكس ما كان يأمله الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي يعدّ للقاء قمة مع الرئيس الصيني على هامش قمة (أبيك) التي تستضيفها الولايات المتحدة في سان فرانسيسكو الشهر القادم، ضمن طموح أمريكي بمحاولة إيجاد فجوة ثقة كبيرة بين الرئيسين الصيني والروسي، وإبعاد الصين عن شراكتها مع روسيا، والحيلولة، بالتحديد، دون دخول الصين كطرف قويّ وداعم لروسيا في حربها في أوكرانيا في هذا الوقت بالذات الذي وصلت فيه الحرب إلى مرحلة حرجة، حيث تراهن الولايات المتحدة على عجز روسيا عن مواصلة الحرب بسبب الادّعاء بالقصور في المعدات العسكرية وضعف الاقتصاد الروسي.

وصول الرئيس بوتين إلى العاصمة الصينية بكين هو بالأساس انتصار للصين في تحديها للولايات المتحدة، لكن يبقى السؤال الأهم الذي يفرض نفسه هو إلى أي مدى سيكسب بوتين الرهان على الصين؟ هل ستقبل الصين أن تكون داعمة لروسيا عسكرياً في هذه الظروف المتسارعة؟ وهل ستقبل الوفاء بالوعود والعهود التي سبق أن قدمتها لروسيا من دعم اقتصادي ومشاريع استثمارية ضخمة، وخاصة مشروع خط أنابيب الغاز العملاق (سيبيريا فورس-2) ذي الأهمية الإستراتيجية الكبرى؟.

الأسئلة مهمّة وإجاباتها أهم بطبيعة الأمر هو ضمن أي إطار ستسير العلاقة بين موسكو وبكين ابتداء من الآن؟ السؤال يعنى ضمن أي إطار ستسير العلاقة بين القطبين؟ هل ضمن إطار الشراكة الثنائية بين عملاقين قطبين يجمعهما هدف مشترك محوري وهو التخلّص من نظام الأحادية القطبية الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة بدعم من حلفائها الغربيين والدول في مجموعة الدول الصناعية الكبرى السبع، وخاصة بعد أن وصلت المبادلات التجارية بين القطبين عام 2022 إلى مستويات قياسية غير مسبوقة بلغت نحو مائة وتسعين مليار دولار، وفق بيانات الجمارك الصينية، ويرجح أن تصل المبادلات التجارية في هذا العام إلى مئتي مليار دولار.

الرئيس بوتين أرسل أمام “منتدى فالداي السياسي” 5/10/2023 رسالتين قويتين من الكرملين وهما: عودة روسيا بشكلٍ قوي وكامل إلى الساحة العالمية ساعية للحصول على دور قيادي كبير ومهمّ، وطرحها أمام العالم لنظام بديل عن نظام الغرب، الذي فقد بوصلته الأخلاقية، وأن مهمة روسيا تتمثل في بناء عالم جديد متعدّد الأقطاب، وأنه آن الأوان للولايات المتحدة أن تتخلص من غطرستها وعنجهيتها من منطلق إدراكه لطموح روسيا لتكون قوة عالمية شريكة في التأسيس لنظام عالمي جديد أكثر ديمقراطية وعدالة على أنقاض نظام الأحادية القطبية الذي مارس السيطرة والهيمنة بعنجهية غير مسبوقة.

من هنا من المؤكد أنّ مخرجات قمة الرئيسين بوتين وشي جين بينغ ستجيب حتماً عن هذا السؤال من خلال الإعلان عن تحالف ثنائي قويّ بين القطبين بلا حدود.