خسائر مواسم الحمضيات أنعشت الزراعات الاستوائية.. ومطالب فلاحية بدعمها
دمشق – إبراهيم مخلص الجهني
بعد المعاناة الكبيرة التي واجهت مزارعي الحمضيات في سورية وتحوّلها من مواسم ذات مردود جيد إلى أعباء تثقل كاهل الفلاحين، أقدم معظم المزارعين على اقتلاع أشجار الحمضيات، وبدؤوا بالتوجه نحو الزراعات الاستوائية، والاكتفاء بعدد قليل من أشجار الحمضيات التي تكفي الاستهلاك المنزلي، بسبب عدم قدرتهم على تحمّل الخسائر المتتالية.
تحول في الأنواع
وفي هذا الصدد أوضح عضو لجنة الزراعات الاستوائية إلياس داوود في حديثه لـ”البعث” أن توجّه مزارعي الحمضيات، وخاصة في مدينة طرطوس، نحو الزراعات الاستوائية ناتج عن الخسارات المتتالية التي تلقوها وعدم تقديم الدعم الكافي لهم، وإيجاد أسواق تصديرية مناسبة لمنتجاتهم، مشيراً إلى أن مردود الاستوائيات أفضل بكثير مقارنة بالحمضيات، وأن استمرار التوجّه للزراعات الاستوائية قد يسبّب انخفاضاً في إنتاج الحمضيات في السنوات القادمة مقابل ارتفاع إنتاج الاستوائيات.
وأضاف داوود أن الزراعات الاستوائية تتركز ضمن الشريط الساحلي، وتشمل الآفوكادو والدراكون والمانجو والبابايا والموز وليتشي ومسفلورة وكيوي والقشطة وستار فروت، لكن التركيز الكبير على الموز والمانجو والدراكون، منوهاً بأنها تصدّر نحو دول الخليج ولبنان وبشكل خجول نحو روسيا، وهناك سعي لإيجاد أسواق جديدة.
ولكن زراعة الأشجار الاستوائية ليست بمنأى عن الصعوبات، وخاصة مع عدم وجود تعريف للمنتج ضمن الأجندة الزراعية، الأمر الذي يخلق صعوبة في تسويقها بين المحافظات، حيث تتعرّض للإيقاف من قبل الجمارك للتأكد من أن المنتج سوري، مشيراً إلى الصعوبات الأخرى التي يعاني منها أي مزارع من تحكّم السوق السوداء بالمبيدات الحشرية والأسمدة، وعدم توفر التيار الكهربائي لري المزروعات، وارتفاع أسعار المحروقات، بحسب عضو لجنة الزراعات الاستوائية.
وأكد داوود ضرورة دعم هذه الزراعات وتوفير قروض مناسبة، لأن عائد هذه الزراعة ممتاز للفلاحين أو للدولة كونه يساهم في توفير القطع الأجنبي، سواء في تصديره للخارج أو بالوصول للاكتفاء الذاتي من الموز والاستغناء عن استيراده.
مردود جيد
ومن وجهة نظر علمية وتطبيقية لا أثر لتغيّر نوع المزروعات إذا كان موسم الحمضيات غير قابل للتسويق، فما الذي يجبر فلاحاً على زراعة أشجار الحمضيات وخدمتها دون أن يستطيع بيع المنتج، أو أن يُجبر على بيعه بأسعار متدنية لا تتناسب مع التكاليف، فالموسم تهتمّ به الدولة سواء للاكتفاء الداخلي أو للتصدير، وبالتالي هي من تؤمّن أسواق التصريف وسلاسل التسويق، أما الفلاح فمهمته أن يزرع ما يُطعم أولاده، فإن لم يجد دخلاً جيداً منها فلا يستطيع خدمتها ولا الاستمرار بها، وذلك بحسب الخبير الزراعي الدكتور يونس إدريس.
وبيّن إدريس أنه في كلّ عملية تحول هناك نتائج سلبية ونتائج إيجابية، فالسلبي في التحول نحو الاستوائيات هو الانتقال من شجرة يعرف كيف يخدمها إلى نوع جديد لا يتقن التعامل معه، مما قد يؤدي لضياع المحصول وعدم القدرة على التسويق، وهي ظاهرة منتشرة، وهناك خوف من عدم تمكن مزارعي الأشجار الاستوائية من تسويق إنتاجهم وخاصة مع الارتفاع المطرد للأسعار، ومن النواحي الإيجابية أن من يزرع في بداية التحول قد يجد نتائج مادية جيدة، لكن عندما تعمّ الظاهرة فإن الأسباب التي أدّت لعدم القدرة على تصريف الحمضيات قد تؤدي لعدم القدرة على تسويق الاستوائيات!.
وحول أسعار الاستوائيات في الأسواق السورية، فإن سعر المانجو يتراوح بين 25 و32 ألف ليرة سورية، والموز خلال موسمه بين 7 و10 آلاف ليرة، أما خارج الموسم فبين الـ20 و30 ألف ليرة، والدراكون بين 18 و30 ألف ليرة، والمسفلورة بين 8 و12 ألفاً، الآفوكادو بين 12 و20 ألفاً، وفي آخر الموسم يصل إلى 50 ألف ليرة سورية.