بيبي اسكوبار: الكيان الإسرائيلي يحاول تهويد كل فلسطين
هيفاء علي
العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة يدخل أسبوعه الثالث بارتفاع حدة التصعيد من الجانب الإسرائيلي الذي تزداد وحشيته وعنصريته يوما بعد يوم. وكل يوم إضافي من أيام العدوان تدفع الصحفيين والمحللين الأحرار إلى التعمق في لتحليلاتهم، وهذه هو حال الصحفي والمحلل البرازيلي “بيبي اسكوبار”، الذي بين من هو المستفيد من المأساة الفلسطينية الرهيبة، موضحاً أن هناك في الوضع الحالي، ثلاثة انتصارات للهيمنة وانتصار واحد للدولة الحاملة لها في غرب آسيا:
- الفائز الأول هو “حزب الحرب“، وهو عملية احتيال ثنائية واسعة النطاق. ويتضح ذلك من الطلب الإضافي الذي تقدم به البيت الأبيض إلى الكونغرس بقيمة 106 مليارات دولار للحصول على “المساعدة”، وخاصة لأوكرانيا و”إسرائيل”، بما في ذلك 61.4 مليار دولار لأوكرانيا، المزيد من الأسلحة وتجديد المخزون الأمريكي، و14.3 مليار دولار للكيان الإسرائيلي المحتل لـ “دعم” الدفاع الجوي والمضاد للصواريخ.
- والفائز الثاني هو “الحزب الديمقراطي”، الذي تمكن من إحداث تغيير حتمي في الخطاب فيما يتعلق بالفشل الذريع للمشروع الأوكراني، إلا أن هذا لن يؤدي إلا إلى دفع إذلال حلف شمال الأطلسي إلى عام 2024، وهو ما من شأنه أن يحول إذلال أفغانستان إلى مجرد لعب أطفال في صندوق رمل.
- الفائز الثالث هو “غرب آسيا” إذ أن “إستراتيجية” المحافظين الجدد على شاكلة شتراوس التي تم تصورها كرد فعل على مجموعة البريكس 11 المقبلة، وكل ما يتعلق بتكامل أوراسيا الذي تم طرحه خلال منتدى الحزام والطريق في بكين الأسبوع الماضي، بما في ذلك ما يقرب من 100 مليار دولار في مشاريع البنية التحتية/التنموية الجديدة. ثم هناك التسارع المذهل للمشروع الذي يرعاه مجانين الإبادة الصهيونية: حل نهائي للقضية الفلسطينية، الذي يجمع بين تدمير غزة، والنزوح القسري إلى مصر، وتحويل الضفة الغربية إلى قفص، وفي أقصى الحدود، ” تهويد الأقصى”، مع تدمير لثالث أقدس موقع في الإسلام، والذي سيتم استبداله بإعادة بناء “الهيكل اليهودي الثالث” المزعوم.
وهنا يأتي دور “الصداقة الأرستقراطية”، إذ يمكن لقطاعات كبيرة من الدولة الأمريكية العميقة، جنباً إلى جنب مع مجموعة بايدن التي يقودها المحافظون الجدد، أن تتمتع بهذا المكاسب الجديدة غير المتوقعة إلى جانب الدولة الإسرائيلية العميقة، فقاعتها محمية بوابل دعائي ضخم يشوه كل أشكال الدعم لمحنة الفلسطينيين. ولكن خسر هذا “التحالف مؤخراً -ربما بشكل لا رجعة فيه -الأغلبية الساحقة من الجنوب العالمي الذي يشكل الأغلبية العالمية الداعمة للقضية الفلسطينية بشكل عميق.
كل ما سبق يدل على استمرارية مذهلة منذ نهاية الاتحاد السوفييتي، حين رفضت واشنطن حل حلف شمال الأطلسي في عام 1990 لحماية الأرباح الهائلة التي تجنيها من المجمعات العسكرية. وكانت النتيجة المنطقية هي أن القوة المهيمنة وحلف شمال الأطلسي، باعتبارهما الشرطي الآلي العالمي، قتلا، جنباً إلى جنب، ما لا يقل عن 4.5 مليون شخص في غرب آسيا، بينما شردوا أكثر من 40 مليون شخص، ثم قتلوا، بالوكالة، ما لا يقل عن نصف مليون شخص في أوكرانيا أثناء نزوحهم، ولم ينته الأمر.
وخلافاً لإمبراطورية الفوضى والأكاذيب والنهب، يشهد الجنوب والأغلبية العالمية ظهور ما وصفه أحد الباحثين الصينيين المثقفين بأنه “الصداقة الأرستقراطية” في قلب العقدة الحالية للتاريخ العالمي. وهذا يقود الباحث الصيني إلى تعميق ليس فقط التفاهم المتبادل بينهما، ولكن أيضاً الروابط المتزايدة التعقيد بين حضارات الدولة الثلاث الأخيرة ذات السيادة، وهي الصين وروسيا وإيران، حيث يظهر أن بوتين وشي لديهما عملياً نفس القراءة للواقع الجيوسياسي، وأنهما مستعدان وقادران على التصرف بشكل صحيح من أجل وضع حد للمصفوفة المهيمنة، فهما يمتلكان الفهم والرؤية وأدوات القوة والإرادة، والظروف المواتية الحالية تسمح لهم بوضع حدود نهائية لادعاءات المؤسسة الأنغلو -أمريكية الصهيونية، ولذلك ليس من المستغرب أن يتم الخوف منهما ووصفهما بأنهما يشكلان “تهديدات وجودية” لـ ما يسمى الحضارة الغربية.
لقد شرعت تل أبيب في طريق محو كافة البصمات الثقافية والدينية والمدنية في شمال قطاع غزة وتدميره وطرد سكانه وضمه، و كل هذا يكتسب شرعيته بالكامل من خلال “النظام الدولي القائم على القواعد” وأتباعه الأقل أهمية.
ويضيف اسكوبار: يحاول الأميركيون جر الشرق الأوسط إلى الحرب، ويبدو أنهم قرروا الوقوف بشكل رسمي إلى جانب “إسرائيل”، وهذا الأمر ليس جديداً على أحد بل هو معروف للقاصي والداني، و إذا انجر الشرق الأوسط بأكمله إلى الحرب، وتقدم مجموعات حاملات الطائرات ضرب أراضي إيران، فلن تبقى إيران صامتة، فلديها أهداف جاهزة، وجميع الأهداف الحيوية، وسوف تهاجمها بطرق مختلفة، على الرغم من القبة الحديدية. ومن المفيد ايلاء اهتماماً وثيقاً لأصوات الخبرة، مثل رئيس وزراء ماليزيا السابق الدكتور مهاتير محمد الذي أمضى حياته كلها في السياسة، وكان معظم وقته رئيساً لوزراء دولة مهمة جداً هي ماليزيا، فهو يعرف جميع زعماء العالم جيداً، بما في ذلك قادة الولايات المتحدة وهو في هذه المرحلة المتقدمة من حياته لا يخاف من شيء وليس لديه ما يخسره. الدكتور مهاتير يدخل مباشرة في صلب الموضوع فيقول: “جوهر الأمر هو أن كل هذه الفظائع التي ترتكبها “إسرائيل” ضد الفلسطينيين تنبع من الدعم الأمريكي لتل أبيب. وبالتالي إذا سحبت حكومة الولايات المتحدة دعمها لإسرائيل وأوقفت جميع المساعدات العسكرية للنظام، فلن تتمكن من الاستمرار في ارتكاب إبادة جماعية وقتل جماعي للفلسطينيين دون عقاب. لذلك يجب على حكومة الولايات المتحدة أن تكون صادقة وتقول الحقيقة أن إسرائيل وجيشها هم الإرهابيون، والولايات المتحدة تدعم الإرهابيين بشكل علني”.