قطع الاتصالات في غزة .. حرب نفسية
تقرير إخباري
شهد قطاع غزّة، مع اشتداد القصف الإسرائيلي الجمعة والسبت 27 ـ 28 الشهر الجاري، انقطاع كل الاتصالات في القطاع بما في ذلك الإنترنت والشبكات الهاتفية، ما عزل المدنيين وعمال الإغاثة، وأثار مخاوف منظمات قالت إنها فقدت الاتصال مع مسعفين تابعين لها.
عدّة أسباب دفعت الاحتلال الإسرائيلي إلى قطع الاتصالات والإنترنت عن قطاع غزّة خلال العملية البرية، منها منع تداول الأخبار الخاصة بالقصف الإسرائيلي حتى لا يتمّ ترويجها بين الأهالي. فبعد مرور ثلاثة أسابيع على اندلاع حرب جديدة بين “إسرائيل” والمقاومة، طغت أخبار الوضع في غزّة، على التغطية الإعلامية العالمية، لكن انقطاع خدمات الاتصالات منع التدفق المتواصل للمعلومات والصور ومقاطع الفيديو من داخل القطاع.
إن النقل الإعلامي للأحداث الحالية في غزّة، سوف يسبّب مصدر ضغط على الاحتلال الإسرائيلي خلال العملية البرية، لذلك تمّ قطع الاتصالات والإنترنت عن قطاع غزة، حتى لا يتمّ النقل الإعلامي بالطريقة المعهودة في نقل الصورة والأوضاع الحالية. ذلك أن الجيش الإسرائيلي الذي يحاول توسيع عملياته البرية في القطاع لا يريد أن يكتشف العالم ما يرتكبه في القطاع من جرائم قتل وتدمير مع الإشارة إلى الحصيلة الثقيلة للشهداء من المدنيين.
وفي هذا الصدد قالت وزيرة الحقوق الاجتماعية الإسبانية بالإنابة إيوني بيلارا:” إن قطع إسرائيل الاتصالات عن غزّة هدفه ارتكاب المزيد من الفظائع والإفلات من العقاب”.
وتواجه منظّمات حقوق الإنسان عقبات متزايدة تصعّب توثيق الانتهاكات بسبب كثافة الهجمات الإسرائيلية وقطع الاتصالات. وقد حذّرت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، من أن انقطاع الاتصالات في غزّة “يهدّد بإخفاء فظائع جماعية”.
من جانب العدو الصهيوني فيُعدّ قطع الاتصالات إستراتيجية عسكرية معروفة لدى الاحتلال، خاصّة حينما يتعلّق الموضوع بالاجتياح البري والدخول البري لـ”إسرائيل” من خلال قطع كل وسائل الاتصال الهدف منه هو التمكّن من تحقيق ما وصفه محلّلون سياسيون إسرائيليون بـ”اليد العليا في الحرب”.
لكن كل المعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان تؤكّد على ضرورة السماح للشعوب في الاتصال، وتحظر قطع الاتصال بين الناس، وإن أي مساس بهذا الحق يعدّ مساساً بحقوق الإنسان، وهنا يمكن الحديث عن مساس بحق الشعب الفلسطيني في غزّة في الاتصال بحرّية.
وعلى الرغم وجود معاهدات دولية تحفظ هذا الحق للفلسطينيين فإن كيان العدو يصرّ على قطع الاتصالات، فقد قال وزير الاتصالات الإسرائيلي شلومو قرعي، إن تل أبيب “ستلجأ إلى كافة الوسائل” لمنع تزويد منظّمات الإغاثة في قطاع غزّة بالإنترنت. ويأتي هذا التصريح ردّاً على إعلان إلون ماسك تزويد هذه المنظمات بالانترنت عبر نظام ستارلينك.
وكان الملياردير الأمريكي إيلون ماسك قال السبت (28 تشرين أول الفائت) إن خدمة ستارلينك التابعة لشركة سبيس إكس ستدعم خطوط الاتصالات في غزّة مع “منظمات الإغاثة المعترف بها دولياً”، ما دفع وزير الاتصالات الإسرائيلي إلى القول إن “إسرائيل” ستعارض هذه الخطوة.
ومهما يكن، فقد عدّ قيادي في المقاومة أن قطع الاتصالات والإنترنت عن قطاع غزّة حرباً نفسية، ومنعاً للتواصل مع العالم الخارجي، وإثبات الجرائم المرتكبة بحق المواطنين الفلسطينيين من قبل الجيش الإسرائيلي. ذلك أن العدو يقوم بدور له علاقة بالحرب النفسية وعمليات تضليل وتمرير إشاعات، لها علاقة بمسّ روح الصمود والمعنويات لدى الحاضنة الشعبية التي تدعم المقاومة.
د.معن منيف سليمان