مخطط “الهمسات السرية” لتهجير سكان غزة
سمر سامي السمارة
في الوقت الذي خلف فيه القصف الإسرائيلي الهمجي على غزة أكثر من 7500 شهيد، فضلاً عن تشريد ما لا يقلّ عن مليون نسمة، قام معهد “مسجاف” “الإسرائيلي” لبحوث الأمن القومي والإستراتيجية الصهيونية بالكشف عن تفاصيل الخطة الإسرائيلية المرتقبة للتطهير العرقي وتهجير كافة سكان غزة.
وفي التقرير الذي صدر عقب الهجوم المفاجئ الذي قادته فصائل المقاومة على القواعد العسكرية “الإسرائيلية”، كشف معهد “مسجاف” عن تفاصيل خطة تهجير سكان غزة وتوطينهم داخل مصر، مقابل مساعدات اقتصادية.
من جهته، زعم صاحب الدراسة وهو المحلّل وعضو حزب “الليكود” الحاكم أمير ويتمان، أن الأزمة الاقتصادية التي تمرّ بها مصر ستكون ورقة يمكن التعويل عليها، حيث سيتمّ إقناع مصر بمخطط التهجير مقابل امتيازات مادية ضخمة.
يعكس اقتراح ويتمان للتطهير العرقي خطط الترحيل القسرية التي طرحها غيره من المسؤولين الإسرائيليين في الأيام الأخيرة مع الاستفادة من أوامر الإخلاء التي سلّمها جيش الاحتلال لكافة السكان المدنيين في شمال غزة.
وتشير الدراسة إلى أن قيمة الحوافز الاقتصادية المطلوبة لتطهير غزة ستكون هائلة وستصل إلى 20 أو 30 مليار دولار وهو مبلغ وصف بالبسيط والرخيص لأنه مبتكر ومستدام. كما كشفت الدراسة نفسها أن “إسرائيل” ستستغل أرض غزة بعد تفريغها من سكانها للاستثمار فيها من خلال بناء مستوطنات ومجمعات سكنية عالية الجودة للإسرائيليين ما سيعطي زخماً هائلاً للاستيطان في النقب.
وقد اعترف ويتمان بأن خطته تصل إلى حدّ شراء الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة، معتبراً أن هذه الخطوة ستكون استثماراً سيعود بفائدة كبيرة على الكيان الصهيوني، لأنها ستضيف الكثير من القيمة مع مرور الوقت.
كما أفادت الدراسة بأن ظروف الأرض المحلية في المنطقة ستوفر للمستوطنين مستوى معيشياً مرتفعاً، وبالتالي تسمح بتوسيع المستوطنات في “غوش دان” بالقرب من الحدود المصرية، مما يعطي “زخماً هائلاً للاستيطان في النقب”.
وللإشارة، وافقت تل أبيب على خطط لإنشاء أربع مستوطنات في النقب لإيواء 3000 عائلة مستوطنة في كانون الأول 2021.
حرب الإبادة الجماعية لإنهاء جميع الحروب
على الرغم من أن مصر رفضت كافة الضغوط الإسرائيلية التي تهدف لنزوح جماعي لسكان غزة عبر معبر رفح الجنوبي، إلا أن ويتمان زعم بأن أوروبا الغربية سترحب بنقل الشعب الفلسطيني من سكان غزة بأكمله إلى مصر، لأنها ستقلّل بشكل كبير من خطر الهجرة غير الشرعية إلى الدول الأوربية.
وبحسب ويتمان فإن التطهير العرقي في غزة سيعني نهاية جولات القتال المتكررة والمتواصلة التي تؤجج نيران الكراهية ضد “إسرائيل”، فضلاً عن أن إغلاق قضية غزة سيضمن إمدادات مستقرة ومتزايدة من الغاز وتسييله من الاحتياطيات الهائلة التي استولت عليها “إسرائيل” بالقرب من شواطئ غزة.
وخلصت الدراسة المشؤومة، إلى أنه لكي تتحقق هذه الخطة، لا بد من توافر شروط كثيرة في الوقت نفسه، وفي الوقت الحالي، يتمّ استيفاء هذه الشروط، ومن غير الواضح متى ستأتي مثل هذه الفرصة مرة أخرى، إن وجدت، هذا هو الوقت المناسب للعمل الآن.
إذا أردنا أن نبقى على قيد الحياة
على الرغم من همجية هذا المقترح، إلا أنه بمثابة إعلان للهمسات السرية التي تدور داخل أوساط العديد من المسؤولين “الإسرائيليين” سراً، وهو ما اعتبره أحد المسؤولين الحكوميين السابقين حلاً إيثارياً للمشكلة الفلسطينية.
في الحقيقة، هذه ليست المرة الأولى التي يخطّط فيها العدو الإسرائيلي لإخلاء غزة من سكانها الأصليين، وتحويلهم إلى لاجئين خارج أراضيهم، ففي عام 2004، قدّم عالم الديموغرافيا الصهيوني المعروف بعنصريته أرنون صوفر، خططاً مفصلة لحكومة أرييل شارون لعزل غزة، وذلك من خلال سحب القوات الإسرائيلية من القطاع بالكامل، ومحاصرة القطاع وعزله عن العالم الخارجي وبناء نظام صارم للمراقبة والأمن لضمان عدم دخول أو خروج أي شخص دون شرط صهيوني.
قال صوفر حينها: “عندما يعيش 2.5 مليون شخص في قطاع غزة المغلق، ستكون هناك كارثة إنسانية، هؤلاء الناس سوف يصبحون حيوانات أكثر مما هم عليه اليوم، وسيكون الضغط على الحدود مروعاً. ستكون حرباً فظيعة، لذا، إذا أردنا البقاء على قيد الحياة، علينا أن نقتل ونقتل ونقتل طوال اليوم وكل يوم”.
في الواقع، لم تكن الدراسة التي قدّمها ويتمان تهدف إلى إخلاء غزة من سكانها الأصليين جديدة على مخططات الكيان الإسرائيلي، لكنها تظهر كل يوم أن مخططاتهم للتطهير العرقي لا تنتهي.