أزمة ثقة..!!
معن الغادري
يرى البعض من المتفائلين على خلاف الأغلبية أن الخيارات ما زالت متاحة أمام الفريق الاقتصادي لتخطّي الصعوبات، والتخفيف من آثار الظروف الصعبة والضاغطة التي تمرّ بها البلاد عموماً، جراء الحصار الاقتصادي الظالم، وما يشهده الإقليم والعالم عموماً من نزاعات وحروب وأزمات أمنية واقتصادية، وذلك بالاعتماد على الطاقات والقدرات الذاتية وتوظيفها في مكانها وزمانها الصحيحين، واتباع سياسات اقتصادية مرنة داعمة للعملية الإنتاجية من جهة، ومن جهة أخرى تكون قادرة على مواجهة واحتواء المتبدلات والمتغيّرات المتواترة والمتسارعة.
ولعلّ ما يجب فعله كأولوية هو ضبط منظومة العمل المؤسّساتي، ومن ثم إنشاء حقل معرفي يتواءم مع التطورات والمتغيّرات، وتعميق الشراكة بين العام والخاص، والتخطيط لإنجاز مشاريع تنموية وحيوية ذات جدوى على المديين القريب والبعيد.
ولإنجاح هذه الخطوة كمقدمة لوقف تدحرج كرة الأزمات، يرى البعض من المختصين بالشأن الاقتصادي، أن الضرورة تستدعي إعادة النظر في طبيعة العمل وتراتبيته والتي تفتقد بنظرهم إلى الكثير من عوامل وعناصر النجاح لجهة التنظيم والتنسيق والمتابعة والتمويل وتحديد المسؤوليات والأولويات، وهو ما تؤكده الوقائع في ميادين العمل وفي حلب على وجه التحديد، ما يشي بوجود خلل إداري وتقني كبيرين زاد من أثرهما وتبعاتهما السلبية غياب المحاسبة وعدم حسم قضايا وملفات الفساد التي تملأ الأدراج، والذي أنتج بطبيعة الحال “أزمة ثقة” بين كافة مكونات وعناصر العمل الإداري والإشرافي والرقابي والعمل التنفيذي، وهو ما انعكس سلباً على أداء المؤسّسات وعلى نسب إنجاز المشاريع، وبالتالي وسّع من مساحة الفساد الفردي والجماعي، وأقصى وأبعد الكفاءات والخبرات وفتح الباب على مصراعيه أمام هدر الوقت والمال العام، وهو ما أشرنا إليه ونبّهنا إلى خطورته غير مرة دون أن يجد آذاناً مصغية.
خلاصة القول: لا بدّ من الإدراك جيداً أن هناك فوارق كبيرة بين التفكير الاستراتيجي كمنهج وفلسفة نظرية، وبين الخطط الاستراتيجية كمسار وخطوات ومراحل يتمّ التحرك بناءً عليها، وليكون التفاعل ناجزاً بين هذين المسارين لا بدّ أولاً من تنظيف الجسم المؤسساتي من كلّ حالات الفساد والترهل، حينها يمكننا التأكيد أن بوصلة العمل بدأت تأخذ الاتجاه الصحيح.