مجلة البعث الأسبوعية

“إسرائيل”.. فعل جديد يدخل اللغة الإنكليزية يقلب الرأي العام العالمي على الإعلام الغربي

“البعث الأسبوعيّة”ــ سامر الخيّر

أثّر الإجرام الوحشيّ الذي يمارسه الكيان الصهيوني على الفلسطينيين في قطاع غزة على الرأي العام العالمي، وللمرة الأولى يكون الأثر الثقافي كبيراً جداً، حيث تمّ إدخال فعلٍ جديدٍ على اللغة الإنكليزية هو “إسرائيل” الذي اعتمده القاموس الأشهر على الشبكة العنكبوتيّة “أوربن ديكشنري” (القاموس الحضري)، الأمر الذي فتح جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي.

وما ساعد في انتشار “الفعل” واشتعال الحرب السيبرانية حوله كان تغريدةً من سارة ويلكنسون، إحدى الشخصيات المؤثرة في عالم التواصل الاجتماعي، وخاصة على موقع إكس (تويتر سابقاً)، حيث قامت بمشاركة لقطة شاشة لهذا التعريف الجديد من الصفحة الرئيسة للقاموس، وسرعان ما اكتسب منشورها الاهتمام، ليحصد أكثر من 41000 مشاهدة في يومه الأوّل وما زال العدد في ازدياد مستمر، وشرحت سارة في تغريدتها معنى الفعل الجديد، موضحةً أنه يعني مطالبة شخصٍ ما بملكية شخص آخر كما لو كانت ملكه، وطبعاً لم تسلم سارة من التعليقات المضادة، ويأتي هذا الحدث وسط مناقشات ومخاوف عالمية مستمرة بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وما تتسم به السياسة الإسرائيلية من فصل عنصري وقمع وجرائم حرب.

وتعتبر اللغة الإنكليزية أكثر اللغات الحيّة في العالم لأن مصطلحاتها يتم تحديثها باستمرار في كل مرة وتتغير وفقاً لما يحدث حولنا، ويحبّ البعض تسمية هذه اللغة بالإنكليزية الدولية، والمقصود فيها اللغة التي يتحدث بها الجميع وخاصة غير الناطقين بالإبكليزية كلغة أمّ، وأحدث هذه المصطلحات التي أدخلت فعلاً جديداً “Got Israeled” ومعناه “حصلت على حق”، وبمعنى آخر “ظفرت” و”سرقت”، أو “أخذت بعنف ووقاحة”. أما إذا اتخذ كفعل، فهو فعل المطالبة بشيء يخص شخص آخر كما لو كان ملكك- احتلال- وهو ما يشبه السرقة.

فما قصّة هذا المصطلح، وأين ظهر لأول مرة، ولماذا، فقد عرف هذا الفعل النور لأول مرة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث وافقت فتاة بلطف على طلب شخصين أن يقوما بمشاركتها طاولتها في أحد المقاهي، وشيئاً فشيئاً، استوليا على الطاولة بأكملها، حتى وجدت نفسها خارج طاولتها، وبعدها شاهد أحد النشطاء في المجتمعيين ما حدث مع تلك الفتاة، وعلق قائلاً: “لقد أُسرِلت / أُسرئلت”.

لماذا تمّ ربط “إسرائيل” بمصطلح الاستيلاء والاحتلال؟

بحسب الكتاب المقدس لعام 1935، والذي يحمل خريطةً توضح “الأرض المقدسة” لليهود من النيل للفرات تحت اسم فلسطين، وأنها الحق المكتسب لهم من السماء، فقد قدم اليهود الأوروبيون بدايةً كلاجئين إلى فلسطين بعد الحرب العالمية الثانية، وسرعان ما عملوا على سرقة الأرض ببساطة وجعلوها إسرائيل الحالية تحت ذريعة ما يعرف بوعد بلفور، هذه الحقيقة أصبحت تتناقل بتواتر متزايد منذ بدء العدوان الصهيوني على غزّة، لذا أوّل ما خطر للناشط ربط قصّة المقهى بإسرائيل نظراً لكلّ ذلك الخبث واللاإنسانية التي ينتهجها الإسرائيليون في سبيل تحقيق أهدافهم.

ودعماً لتغريدة سارة، تمّ نشر الكثير من التعليقات حول هذا الموضوع، مستغلين الفرصة للترويج لآرائهم وانتقاداتهم، ولأنّ أهمية اللغة تأتي في أثرها الدائم وانتشارها بين الأمم- فمن المعروف أن كثيراً من لغات العالم تستقي مصطلحاتها من اللغة الإنكليزية الأكثر رواجا ًوشعبية ًنتيجة مرونتها وتجددها- أدرك مناصروا الكيان الغاصب خطورة إدخال هذا الفعل، وعليه شنّوا هجوماً مضاداً على كل وسائل التواصل الاجتماعي وقاموا بحملةٍ مضادةٍ، لكن ما لم يكن في حسبانهم هو الانتشار الكبير للتغريدة والتضامن الرائع مع الشعب الفلسطيني، حيث قام المتفاعليون بتوظيف هذه الجماهيرية بالطريقة المثلى عندما نشروا مصطلح “إبادة جماعيّة” في التعليقات ليصبح هو الآخر المصطلح الأكثر بحثاً وانتشر كالنار في الهشيم نتيجة زيادة التفاعل على المنشور.

ومن المؤكد أن وجود مثل هذا المصطلح والفعل سيكون له أثر كبير في نشر رأي ووجهة نظر مغيبة تماماً عند المجتمع الغربي، فاللغة لا يمكن طمسها وبالتأكيد سيكون هناك المزيد من الآثار الإيجابية لما حدث، فتطويع اللغة واستخدامها كوسيلة لإيصال الأفكار وتغيير الرأي العام وسيلة قديمة متجددة بالمصطلحات والمفردات الحديثة، وتبني مثل هذا المصطلح والتعريف به عند كل مقابلة ورأي ولو لم يكن يتعلق بشكل مباشر بالقضية الفلسطينية، سيدفع بالضرورة المتلقي للبحث عن أصله وسبب استخدامه، وبالتالي ستضح له رؤية جديدة عَمل الإعلام الغربي على محاربتها وإيصال مشهد مختلف لما يحدث على الأراضي الفلسطينية المحتلة، تدّعي فيه أحقية الصهاينة في الأرض ومعاناتهم من اعتداءات المقاومة.

وللأسف لم تكن وسائلنا الإعلامية ندّا ً لهذه الوسائل فخسرت الحرب الناعمة مرة تلو الأخرى على مدى سنوات الصراع العربي الصهيوني، لكن ما حدث وخاصةً أن مصدره ليس عربياً يعطي انطباعاً إيجابياً بتغيير موازين هذه الحرب إعلامياً على الأقل، وما يتوجب علينا القيام به لدعم مثل هذه الفرصة استخدام الفعل أو المصطلح، ولا يكون ذلك إلّا بالظهور على الإعلام الغربي أو وسائل التواصل الاجتماعي والتوجه للرأي العام العالمي متحدثين بلغته، كما فعل المقدم باسم يوسف منذ أسابيع عندما خاطب الجمهور بلغته وثقافته لا بثقافتنا العربية فحقق لقاؤه أعلى نسبة متابعة في تاريخ البرنامج البريطاني.

وفما يخصّ القاموس الحضري فقد تأسس عام 1999 كموقع إلكتروني، معروف بمعلوماته الجمعيّة من الكلمات والعبارات العامية، مع بعض التعريفات التي يعود تاريخها إلى العام ذاته، على الرغم من أن أغلبية معلوماته تمّ اعتمادها وجمعها منذ عام 2003 بمساهمة وتفاعل من كبار المؤلفين والمترجمين حول العالم، وبالتعاون مع الموقع المعروف “مكتبة الكونغرس”، ضمّ في بداية عام 2014، أكثر من سبعة ملايين تعريف وليشهد إضافة حوالي 2000 إدخال جديد يومياً.