مجلة البعث الأسبوعية

تعاطف نجوم الرياضة حول العالم مع القضية الفلسطينية يتزايد رغم العقوبات والتهديدات!

البعث الأسبوعيّة- سامر الخيّر

سجلت جماهير نادي سيلتيك الاسكتلندي موقفاً تاريخياً مشرّفاً سيذكر لسنين عديدة في ظلّ تقاعس العديد ممن يدّعون الإنسانية أو العروبة كحال بعض الدول الشقيقة، حيث رفع الآلاف من مشجعي فريق سلتيك أعلام فلسطين قبل مباراة الفريق أمام ضيفه أتلتيكو مدريد الإسباني، في بطولة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، وكان عرض “التيفو” بألوان علم فلسطين واضحاً في النصف الأسفل للمدرجات قبل وقت طويل من انطلاق المباراة، وتم رفع نحو 20 علماً كبيراً في القسم المجاور قبل ظهور الفريقين، وذلك في إطار دعم جماهير سلتيك للقضية الفلسطينية.

والأكثر جمالاً من اللوحة البشرية التي رسمها الجمهور، إنشاد قسم كبير منهم لأغنية نادي ليفربول الشهيرة “لن تسير وحدك” والأغنية الإيطالية “بيلا تشياو” التي تعتبر النشيد الرسمي لثوار إيطاليا وإسبانيا، وعبرا فيهما عن تضامنهم مع القضية الفلسطينية.

كما أصدر النادي بياناً لجماهيره في يوم المباراة بعد أن شجعت جماهير على “رفع علم فلسطين بشجاعة دعماً لغزة، التي تتعرض لعدوان صهيوني منذ أكثر من أسبوعين خلّف أكثر من 5 آلاف شهيداً وعشرات آلاف الجرحى ومئات المفقودين.

وجاء في البيان “شهدنا الموت والعنف والدمار في الأراضي المقدسة الأسابيع الأخيرة، حيث قُتل وجُرح وتشرد آلاف الأشخاص من الرجال والنساء والأطفال، ومع استمرار الأمر يصلي الجميع في سلتيك من أجل جميع الضحايا”.

وبعد موقف النادي الإسكتلندي برزت هتافات جمهور منتخب ماليزيا خلال مواجة فريقه نظيرَه الهندي، في مباراة جمعتهما في بطولة مارديكا الودية، والتي كان من المفترض أن يشارك فيها المنتخب الفلسطيني قبل أن يعلن انسحابه جراء الظروف الراهنة.

وكانت الحكومة الهندية قد اتخذت موقفاً داعماً للكيان الصهيوني، الأمر الذي دفع بالجماهير الماليزية لإشعال المدرجات بطريقة مهيبة، دعماً لسكان غزة، وإدانة للعدوان على القطاع.

فلما لم نجد مثل هذه المواقف في غير مكان؟ بل الأصح لما لم تكن الأندية العربية هي السباقة؟ للأسف يبدو أن التأثير الصهيوني وصل إلى الرياضة بشكل كبير، حتى أصبحت مختلف الاتحادات الدولية واللجنة الأولمبية تدار من قبل مناصرين لهذه للحركة الصهيونية القذرة، وهو ما ظهر واضحاً في اختلاف المواقف مما يحصل في قطاع غزة، حتى بات التضامن مع الشعب الفلسطيني، ليس ممنوعاً فحسب، وإنما يجابه فاعله بالازدراء والتحقير، وقد يصل الأمر لمطالبته إما بالاعتذار أو الرحيل.

والأمثلة على ذلك كثيرة، وكنا قد ذكرنا في العدد السابق بعض المواقف لنجوم الرياضة العالمية وخاصة لاعبي كرة القدم، واليوم سنستعرض تبعات هذه المواقف والإجراءات المعيبة التي رافقتها، فبعد موقف اللاعب الفرنسي من أصل جزائري كريم بنزيما، اتهمه الوزير الفرنسي السابق تادين مورانو بأنه مرتزق لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية، كما طلبت فاليري بوير من أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي بسحب الجنسية الفرنسية منه.

كما طالب أحد نواب البرلمان الألماني بطرد نصير مزراوي، نجم كرة القدم المغربي ولاعب فريق بايرن ميونيخ الألماني، الذي تمنى أن ينتصر الشعب الفلسطيني على الكيان الصهيوني، واتهمته صحيفة بيلد الألمانية بدعم الإرهاب، لكن المزراوي لم يتراجع عن موقفه.

ولم تسلم نجمة التنس التونسية أنس جابر من هذا الهجوم بسبب التهديد الذي تعرضت له، لمنعها من المشاركة في كأس دوري المحترفين للسيدات بعد الشكوى الرسمية التي تقدم بها الاتحاد التابع للكيان ، وعاقب الاتحاد الأوروبي السباح المصري عبدالرحمن سامح بإزالة صورته من الصفحات الرسمية لهذا الاتحاد، وأكد سامح أنه تعرض للتهديد بالقتل بسبب دعمه لفلسطين.

كما دفع اللاعب الجزائري يوسف عطال فاتورة موقفه الدّاعم للشّعب الفلسطيني بعد قرار إدارة نيس توقيفه إلى إشعار آخر،  رغم تقديم اللاعب اعتذارَه لإدارة فريقه، وهو ما يؤكّد التضييق الذي يعانى منه اللاعبون الجزائريون المحترفون في أوروبا بسبب مواقفهم المساندة للشعب الفلسطيني، وقامت وسائل إعلام فرنسية ومسؤولون حكوميون، مثل عمدة مدينة نيس، كريستيان أستروزي، بشن هجوم ضارٍ على الدولي الجزائري، وهدّده بالطّرد من نادي المدينة إن لم يعتذر ويدين “حماس”.

واتخذ نادي ماينز الألماني، في خطوة لحدّ اللاعبين من التّعبير عن مواقفهم الإنسانية، قراراً بطرد لاعبه المغربي أنور الغازي بعد تعاطفه مع فلسطين في منشور أتاحه على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي، وبرر ماينز إيقاف لاعبه الجديد القادم هذا الصيف من أيندهوفن الهولندي بعقد يمتد عامين، إنه “يعفي أنور الغازي من التّدريبات والمباريات، كردّ على منشور جرى حذفه بعدما نشره اللّاعب البالغ من العمر 28 عاما على وسائل التواصل الاجتماعي”.

وفي حين يبدو من الطّبيعي أن يدعّم نجوم الرّياضة العرب والمسلمون القضية الفلسطينية، يشكل الدّعم الذي يأتي من نجوم الرياضة حول العالم دفعة معنوية قويّة ويكون أكثر تأثيراً، فاللاعب الأجنبي بشكل عام والغربي بشكل خاص، يقرأ ليعرف حقيقة الأمر، ثم يقرّر أن يدعم الجانب الفلسطيني، وهذه الخطوة من شأنها أن تحثّ الكثيرين من الرياضيين على القيام بالمثل، هذا فضلاً عن تأثير هؤلاء بالقاعدة الجماهيرية التي تتبع كل واحد منهم.

ويعتبر إريك كانتونا، أسطورة مانشستر يونايتد الإنكليزي أكبر داعم للقضية الفلسطينية بين لاعبي كرة القدم، وقد عبر عن ذلك أكثر من مرة، فأثناء الاعتداءات على حي الشيح جراح في عام 2021، نشر كانتونا صورة له وهو يرتدي قميصاً مكتوباً عليه “الأمل لفلسطين” داعياً متابعيه إلى التبرع وتقديم المساعدات.

أما أكثر لاعب مؤثر تبنى القضية، فهو الراحل الأرجنتيني وأفضل لاعب في تاريخ كرة القدم بالنسبة للكثيرين، دييغو مارادونا، الذي قال أثناء استعداده لتدريب نادي الوصل الإماراتي عام 2011: “أحترم الشّعب الفلسطيني، أنا المحبوب الأول لهم، أؤيد قضية هذا الشعب القائمة على الكفاح، أقف ضد الظلم”، وفي فعاليات عدّة ارتدى الكوفية الفلسطينية، وله أكثر من صورة يرفع فيها علامة النصر ويحيّي فلسطين.