في بورصة المهور.. عقد زواج بمقدم ومؤخر 2 كغ ذهب لكل منهما!
دمشق – لينا عدره
منذ أن سمح القانون بتسجيل وتعديل المهر بالليرة الذهبية، بتنا نسمع، بشكل شبه يومي، عن حالاتٍ كثيرة لعقود زواج سُجِّلَ المهر فيها بالليرة الذهبية، لتكمن الكارثة الكبرى بتحوّل الأمر لما يشبه “بورصة المهر”، وفق ما ذكر المحامي الأستاذ أنس بهجت سليم في حديثٍ لـ “البعث”، أشار خلاله إلى العواقب الخطيرة والتأثيرات السلبية لهذه الظاهرة في المجتمع، وخاصةً مع وجود أعداد كبيرة من الشبان في السجون بسبب المهر، تبعه ازدياد في حالات الطلاق، لافتاً إلى أن أعلى قيمة لمهرٍ تمّ تسجيله منذ عدة أشهر كانت بمؤخر 2 كيلو ذهب ومقدم 2 كيلو ذهب!!.
وأشار سليم إلى أن أكثر المفاهيم الخاطئة انتشاراً بين الشباب تلك التي تعتبر المهر مجرد حبرٍ على ورق، وهذا غير صحيح إطلاقاً، على حدّ تعبيره، كونه – أي “المهر” – يعتبر ديناً في ذمة الزوج، مضيفاً أن الكثير من الشباب يسجلون مهوراً عالية جداً لن يتمكنوا من دفعها، ليتمثل دافعهم الأساسي من وراء تسجيلهم لمهرٍ بقيمةٍ مرتفعة، إما بسبب الغيرة أو الحماس أو للاستعراض أمام أهل العروس والأصدقاء والمجتمع، ظناً منهم بأن كلّ ما سُجَّل لا يتعدى كونه حبراً على ورق، في حين أن للموضوع أبعاداً كثيرة وآثاراً جانبيةً خطيرةً، سواء خلال فترة الزواج أو حتى بعد الانفصال، خاصةً وأن الزوجة “وبمجرد وضعها لعقد الزواج بالتنفيذ وخلال مدة زمنية لا تتجاوز خمسة أيام في حال كان المهر غير مقبوض” يمكنها أن تسجن الزوج لتحصيل المهر حتى ولو كانت على عصمته، ومهما كانت قيمة المهر، سواء ليرات ذهبية أو غيرها، وكون المهر المؤخر يتحصل بأقرب الأجلين، سواء طلاق أو وفاة الزوج، يمكنها أيضاً تحصيله “بالتركة” لأنه يعتبر من الديون الممتازة التي يمكنها تحصيله حتى بعد وفاة زوجها.
كما أشار سليم إلى أن القاضي الشرعي لا يمكنه رفض تسجيل عقد الزواج بأي مهر مقبول قانوناً، وفقاً لقانون الأحوال الشخصية، لذلك بات تسجيل عقد الزواج بالليرة الذهبية عرفاً اجتماعياً سائداً، ما جعل منه مؤشراً خطيراً، وخاصةً مع تأثيرات الحرب والهجرة وتداخل المجتمعات وتغيّر عادات المجتمع السوري، التي أدّت بالنتيجة بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية إلى ارتفاع نسب الطلاق بشكلٍ مخيفٍ حتى بين من مضى على زواجهم أكثر من 25 سنة.
والمؤسف في الأمر – كما يضيف سليم – أنه وعلى الرغم من الوضع الاقتصادي المتردي نرى الكثير من الشباب يستدينون لتغطية تكاليف زواجهم لنُفَاجأ بعدها بتسجيلهم مهوراً بـ 20 أو 30 ليرة ذهبية، لا يملكون منها في الأساس ليرة واحدة!!
وفي المحصلة، فإن للتوعية دوراً أساسياً وضرورياً في هذا الأمر، خاصةً وأن الهدف الرئيسي من الزواج يتمثل بتأسيس وبناء أسرة وليس سمسرة ومتاجرة، كما هي الحال عند البعض.
هذا، وفي حادثةٍ أخرى، تمّ تسجيل أعلى قيمة لمهرٍ منذ أكثر من سنة في محافظة اللاذقية بمبلغٍ خرافي بلغ 200 مليار ليرة سورية رغم محاولة القاضي الشرعي حينها مناقشة الزوج الذي بقي مُصِّراً على موقفه!!