مع بداية الشتاء.. المواطنون لا زالوا بـ “النص كم” وأسعار لا تقارب للألبسة والسجاد والموكيت!!
البعث الأسبوعية – ميس بركات
في الوقت الذي كان من المفترض بالأسر السورية التهيؤ لاستقبال الشتاء بفرش السجاد والموكيت وتعبئة المحروقات أو حتى بملابس ثقيلة تدرأ عنهم برد الشتاء الذي بات قاسياً خلال الأعوام الأخيرة أكثر من المعتاد نتيجة الظروف المناخية من جهة والاقتصادية من جهة أخرى، لا زالت منازل الموطنين ومن فيها “بالنص كم” في حالة انتظار محكوم بأمل تغيير الأجور أو حتى الأسعار كون أسعار أدنى مستلزمات التدفئة لا تخرج من دائرة المليون بدءاً من الجاكيت وليس انتهاء بالمدافئ التي تجاوز سعر البعض منها العشر ملايين ليبعث سعرها الحرارة في نفوس من يشاهدها متسائلين عن تكلفة التدفئة بها في حال تأمين المازوت لإشعالها، لاسيّما وأن تحصيل سعرها مع تأمين محروقاتها يحتاج لعشرات الأعوام في ظل هذه الأجور الضحلة.
انعدام الشراء
فمن يتجول في أسواق المدافئ ومنها إلى أسواق السجاد والموكيت وصولاً إلى الملابس والأحذية يجدها شبه خاوية بانتظار “زبون مليان” أما الأكثرية الغالبة فيغلب عليها فقر الجيب وسوء الحال، إذ لم يعد ارتياد هذه الأسواق من صلب الأولويات لهم خاصّة بعد استحالة شراء المحروقات من السوق السوداء وغصّ الجهات المعنية عن تأمين حاجة المواطن للمادة على مدار ثلاثة أشهر الذروة، إضافة إلى الاعتماد في الكثير من الأحيان على السجاد القديم الذي أكل عليه الزمن وشرب وفي حال اهتراءه يكون التوجه لفرش “بطانيات المعونة” عوضاً عنه على الأراضي، والتي هي الأخرى لم تسلم من ارتفاع الأسعار إلّا أنها لا زالت ضمن المُستطاع، لاسيّما بعد تجاوز سعر متر السجاد المليون ليرة لنوعيات تُصنّف بالجودة المتوسطة، في حين ارتفع سعر الموكيت هذا العام بشكل كبير نتيجة توّجه المواطنين الأعوام الماضية لشرائه كبديل للسجاد ليلحق سعره بمن سبقه من أسلافه إضافة إلى تراوح سعر متر الموكيت بين300-500 ألف، بارتفاع أكثر من 50% لأسعار السجاد والموكيت عن العام الماضي.
إعادة تدوير
ولأن أغلب الأسر لا تستطيع التوجه إلى الأسواق النظامية كانت الأسواق المستعملة في مناطق معيّنة بانتظار روادها، إضافة إلى امتلاء صفحات التواصل بهذه الأسواق الالكترونية التي يتفوق زوارها على الأسواق النظامية كون الأسعار في البعض منها لا زال مقبول، في المقابل كان لبعض أنواع السجاد والموكيت المعروضين في السوق المستعمل الالكتروني أسعار تجاوزت أسعار الجديد منها بحجة أنها صناعة تركية أو أجنبية، إذ لم يتوقف التهريب على أنواع معينة من السلع ليصل إلى السجاد والموكيت والحرامات الشتوية ذات الجودة الممتازة والتي هي الأخرى لها زبائن معينة من الطبقات المخملية، في المقابل اتجهت شريحة أخرى لفتح مشاريع منزلية صغيرة لتدوير الألبسة المستعملة بين أفراد العائلة أو بين أفراد الحارة الواحدة كنوع من التدبير المنزلي والاقتصار على الحد الأدنى والأساسي من مستلزمات الأسرة، فارتفاع أسعار الملابس وحتى المواد الأولية لصناعتها جعل أصحاب هذه المشاريع تقتصر على ما يناسب دخلها وإلغاء ما يفوق قدرتها الشرائية حتى لو كانت من الأساسيات من خلال إعادة تصميم الملابس من جديد، فقد فرضت الظروف المعيشية نمط جديد من التفكير الايجابي الذي يترك المجال للإبداع كهذه الحالات مثل مشروع تدوير الأقمشة أو إعادة استخدام الأشياء وفق منظار آخر مفيد.
ضرورة الدعم
وعلى الرغم من تحديد وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بقرار لها الحد الأقصى للربح في إنتاج أو استيراد الألبسة النسائية والرجالية والجوارب والأحذية بكل الأنواع والمسميات من القطاع الخاص بنسبة 20% للمستورد من تكاليف الاستيراد و5% لتاجر الجملة والموزع و20% لبائع المفرق وفي حال كان الإنتاج محلياً فيتم تحديد قيمة الربح بنسبة 20% للمنتج من تكاليف الإنتاج المحلي و5% لتاجر الجملة والموزع و20% لبائع المفرق، وبالتالي ترتب على المنتج إعداد بيان تكلفة المادة، إلّا أن أسعار الألبسة والأحذية بتغير مستمر يتناسب طرداً مع انخفاض مستوى المعيشة والأجور وارتفاع سعر الصرف وأسعار المحروقات ومستلزمات الإنتاج بالتالي تبقى هذه الأرقام مجرد حبر على ورق غير قابلة للتطبيق من قبل تجارنا في ظل الغياب التام للرقابة عليهم
غياب الدعم
ويرى الصناعي عماد قدسي أن غياب الدعم عن مستلزمات الصناعة يجعل من انخفاض أسعار الصناعات المحلية حلم بعيد في ظل وضع المواد الأولية للصناعات على المنصة لأنها أدت إلى ارتفاع كبير بتكاليف الاستيراد الأمر الذي شكل عبء على كاهل المواطن السوري من جهة وتقف عائقاً كبيراً أمام التصدير للخارج، لافتاً إلى شح أغلب الخيوط الداخلة بصناعة الألبسة والسجاد وعدم كفايتها لتلبية حاجة الصناعة بالتالي أهمية السماح باستيرادها، وبيّن الصناعي إلى أن مشاكل الصناعة النسيجية لم تتغير منذ سنوات الحرب بل على العكس ازدادت تعقيداً لنصل اليوم إلى ارتفاع بأسعار هذه الصناعات إلى نسب تجاوزت الألف بالمئة عما كانت عليه قبل الحرب، الأمر الذي يتطلب أن تكون الحكومة شريك مع الصناعيين بإزالة العقبات المتعلقة بحوامل الطاقة وتخفيف أعباء الاستيراد وإعادة حركة الإنتاج، وتقديم الإعفاءات من جميع الرسوم للمواد الأولية والتي تحقق قيمة مضافة بعد الانتهاء من الإنتاج بأكثر من 400%، منوّهاً إلى أهمية تقديم التسهيلات لصناعة الغزل والنسيج خاصة وأن أكثر من 30% من اليد العاملة السورية بدءاً من زراعة القطن وانتهاءً ببيع الألبسة كانت تعمل بها، كما كانت تشكل الصناعات النسيجية أكثر من 60% من عدد المنشآت الصناعية الموجودة في سورية قبل الحرب.