صحيفة البعثمحليات

القطاع الصناعي.. وضرورة إصلاحه!!

بشير فرزان

لا يختلف إثنان على أن هناك فرقاً كبيراً بين ما يُرسم على الورق من إجراءات سريعة وملحّة تقدّمها الحكومة لإصلاح وإنعاش ما تبقى من القطاع العام الصناعي، من خلال محاولات عير مرئية لدعمه وتفعيل عمل مؤسّساته وشركاته من الناحية الإدارية والمالية والإنتاجية والتسويقية والاستثمارية، وتأمين التمويل اللازم له لتجديد الأصول وإجراء الصيانة وتغطية التكاليف الإنتاجية والتشغيلية، وبين ما تمّ فعلاً عبر مراحل مشروع إصلاح القطاع العام قبل الأزمة، وحتى هذه اللحظة، وخاصة مع تعاظم حضور أيادٍ خفية تدفع هذا القطاع نحو الهاوية حسب الوقائع الكثيرة التي تثير إلى الآن جدلاً واسعاً في الأوساط الرسمية والنقابية تحت عنوان عدم الرضا عن الواقع الصناعي الإنتاجي والإداري، هذا إلى جانب التغييب المتعمّد والمقصود للمقترحات النقابية المتعلقة بالإصلاح داخل المنظومة المؤسساتية العامة.

والشيء اللافت والجديد بمقياس المستجدات أن عدم التقدم في مشروع إصلاح القطاع العام بدّل مسار التعاطي الشعبي مع هذا الملف الذي يدفع به نحو الإقصاء والترويج لاستحالة تحقيق خطوات تنفيذية في هذا الاتجاه، وبدا ذلك واضحاً من حالة إدارة الظهر إلى الوظيفة العامة، وكثرة الاستقالات التي تؤكد أن نقاط الضعف ما زالت موجودة في مؤسسات القطاع العام عموماً والصناعي خاصة، والتي حفظها الجميع عن ظهر قلب، كقلة اليد العاملة بالوظائف الإنتاجية وتضخمها بالوظائف الإدارية، وغياب البيئة المرنة لاستقطاب العمالة الفتية ذات الخبرة النوعية، وضعف التمويل المالي للقطاع لأسباب متعدّدة وضعف إنتاجية الآلات الموجودة، وزيادة معدلات الهدر وقلة أجور العاملين وعدم تناسبها مع ارتفاع الأسعار للحاجات والمستلزمات الضرورية في حياة المواطن، وسعي بعض الإدارات لإرضاء الجهات الوصائية بشكل يغرقها في مستنقع الروتين والبيروقراطية والضعف في تنفيذ الوظائف الإدارية من تخطيط وتنظيم وتوجيه ورقابة ومتابعة، كما أن الكثير من التغييرات الإدارية تتمّ ضمن مسار المعرفة الشخصية وعدم التقييم على ركائز صحيحة، إضافة إلى غياب الإنفاق على البحث العلمي لتطوير منتجات القطاع العام الاقتصادي ووسائل وأدوات العمل فيه، وضعف القدرة التنافسية لمنتجات القطاع العام.
ولا شكّ أن سلبية التعاطي مع التحديات التي يواجهها القطاع العام الاقتصادي، والمتمثلة بعدم جدية الجهات المعنية في تنفيذ هذه المهمّة، يضعها في خانة الافتقار إلى رؤية واضحة ومعتمدة حول وجود ومستقبل القطاع العام في إطار رؤية شاملة للاقتصاد الوطني.

باختصار.. لا بدّ من إصلاح القطاع الصناعي والإنشائي الذي أصبح اليوم أكثر ضرورة، على أن تكون عملية الإصلاح انتقائية تمييزية مدروسة، بحيث يتمّ التركيز على الجانب الاستراتيجي، التكاملي، وعلى الوحدات الإنتاجية الرابحة اقتصادياً والمجدية اجتماعياً، وبالحجم والكيفية التي تضمن مكانته إلى جانب القطاعات الأخرى.

ولكن لا بدّ من الانتباه أيضاً إلى تخطيط وتصميم عملية الإصلاح على نحو يحول دون إلحاق الضرر بالعاملين الموجودين اليوم في المؤسّسات والشركات الصناعية والاقتصادية العامة.