المشاركة الجماعية!
بشير فرزان
نجح الاقتصاد إلى حد ما في البقاء على منصة النجاة المالية رغم ماتعرض له من انتكاسات في مسلسل إضعافه وزعزعة استقرارهوهذه النتيجة ليست من صنع خيالنا أو محاولة منا للالتفاف على واقع الناس بل حقيقة تثبتها وقائع الأيام وتجارب الحروب وأثارها المدمرة على الواقع الاقتصاديلأي بلد تجتاحه جائحة الحروب والإرهاب.
وبالرغم من تسارع موجات ارتفاع سعر صرف ووصوله إلى أرقام قياسية مقابل دخل المواطن المنهك أو المغييبقسراً في زحمة الأزمات إلا أن الناس يستمرون في ممارسة حياتهم الطبيعية وتجاوز الصعوبات والتأقلم مع الظروف الجديدة التي نالت من لقمة عيشهم فتعالى أنين ليراتهم القليلة على ضجيج الصرفالذي ترافق مع حالة من الفوضى والعبثية في جميع الأسواق بعد أن تحول الكثير من الناس الذي يشكون من الفساد إلى فاسدين من الدرجة الأولى ومتلاعبين أو مساهمين في لعبة إضعاف الليرة التي باتت وللأسف ميداناًللمتاجرة وهنا يجب التركيزعلى أن مسؤولية مايحدث على الساحة الاقتصادية المالية لاتقع على عاتق الجهات المختصة فقط بل يقاسمها المواطن بكل تصنيفاته الاجتماعية والمهنيةمسؤولية الحفاظ على قيمة الليرة وإيقاف مخطط ضربها.
ورغم انغماس الجميع في حالة الهموم أو بالأحرى اللاوعي الحياتي حيث تكثر الصدمات التي تتطلب من أي شخص محاولة إيقاظ نفسه على مدار الساعة إلا أن مانعيشه في مختلف الميادين يستدعي من الجميع المشاركة الفاعلة في رفع الغطاء عن كل المتاجرين بلقمة العيش وعن كل المضاربين في سوق الليرة والمساعدة في تقديمهم للعدالة وهنا يجب التأكيد على أن أي جهة لن تكون قادرة على ضبط جموح الدولار وإخماد فورة الأسعار إلا عندما يلتزم التجار بالأسعار ويقبلون بالأرباح القليلة بحيث يبتعدون عن استغلال واستثمار لعبة الصرف وتجييرها لخدمة مصالحهم ….وعندما تلتزم اللجان والجهات الرقابية بواجباتها ومسؤولياتها وأدبيات عملها وتتخلى عن مبادلة أمال المواطن بالمكاسب الخاصة تحت عنوان الرشوة وبيع الضمير.. وقبل ذلك كله عندما تكون المصلحة الوطنية قبلة لأحلام الناس وأفكارهم التي يجب أن تدعم في هذه المرحلة الحرجة بالأخلاق والعمل الوطني الحقيقي والمسؤول لنصل في النهاية إلى ضفة الأمان وخاصة مع اشتداد الحصار وامتداد تداعيات مايحدث في دول الجوار إلى لقمة عيشنا وانقطاع مايسمونه ” الحبل السري” الذي كان طريق الإمداد المالي والتجاري الوحيد لبلدنا ومع الإقرار صعوبة ماهوقادم من موجات غلاء إلا أن الثقة موجودة ببقاء أسعار المحروقات “غاز – مازوت – بنزين”والخبز عن قرارات رفع أسعارها كما يشاع لما لها من انعكاسات خطيرة على الواقع المعيشي الذي بات على حفة الانهيار.فهل تتم الاستجابة لهذا النداء المعيشي الأخير أم تستمر كرة الأسعار في التهام وابتلاع فرص البقاء والصمود الحياتي ؟.