الإعلان الأمريكي يكشف الفشل الصهيوني
تقرير إخباري
بعد إصرار الإدارة الأمريكية طوال الشهر الماضي من عمر العدوان الصهيوني على قطاع غزة المحاصر، على رفض جميع الدعوات لوقف إطلاق النار في غزة، وخاصة من الأمم المتحدة التي اتخذت قراراً في هذا الشأن، ها هي الآن ترسل رسائل في جميع الاتجاهات بأنها تعمل على ذلك، فبعد طلبها من إيران المساعدة على إنجاز وقف إطلاق النار في رسالة نقلها رئيس الوزراء العراقي الذي زار طهران عقب لقائه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في بغداد، ومحاولتها التعتيم على ذلك، عادت الإدارة الأمريكية ذاتها بدعوى اهتمامها بالجانب الإنساني لدعم هذا الخيار، بعد أن عجزت “إسرائيل” عن تحقيق أهدافها من العملية البرية، إلى ما كانت رفضته سابقاً، وأعلنت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي، باربرا ليف، أن وقف إطلاق النار في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لا يضمن إطلاق سراح جميع الرهائن الذين تحتجزهم حركة “حماس” في قطاع غزة على الفور، مؤكدة أنه “لا يوجد مثل هذا الضمانات”.
ورغم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان قد رفض أيّ وقف لإطلاق النار في قطاع غزة دون الإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حماس، رداً على وساطة إقليمية، إلا أنه بعد شعوره بالعجز عن تحقيق أهدافه، وأن إذعانه الآن وطلبه وقف إطلاق النار سيكون بمنزلة هزيمة مدوّية له، ترك مهمّة هذا الإعلان للجانب الأمريكي الذي يتعيّن عليه إنزاله من الشجرة التي تسلّقها، وبالتالي راحت وسائل الإعلام الأمريكية تسوّق لوقف إطلاق النار، حيث تناولت الصحف الأمريكية آراء بعض الباحثين الأمريكيين الذين أشاروا بشكل أو بآخر إلى استحالة تحقيق نصر على المقاومة في غزة، وادّعى جون ألترمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أنه “من المحتمل جداً أن تكون الحرب في غزة هي الحرب الأولى في تاريخ “إسرائيل” التي خاضها الجيش وخسرها. وستكون هذه الخسارة كارثية بالنسبة لإسرائيل وستلحق أضراراً بالغة بالولايات المتحدة”، ولكنه اعترف في سياق حديثه بأن “قوة إسرائيل تسمح لها بقتل المدنيين الفلسطينيين، وتدمير البنية التحتية الفلسطينية، وتحدّي الدعوات العالمية لضبط النفس” ولكنها لا تحقّق النصر الناجز.
ورأى المعهد الأمريكي للحرب الحديثة “MWI”، أن الاستخدام النشط للصواريخ في ظروف الأبنية المتراصة، واستخدام طائرات مسيّرة أكثر من الصواريخ، وانتشار استخدام الأنفاق والتحصينات تحت الأرض في قطاع غزة، والاستخدام الفعّال للأسلحة المحمولة المضادة للدبابات، واستخدام الدعم والقناصة، كلّها أمور تؤكّد استحالة انتصار “إسرائيل” في حرب المدن.
وشكّك عاموس فوكس في إمكانية الانتصار قائلاً: “من الناحية الواقعية، مثل هذه الأهداف تكاد تكون بعيدة المنال دائماً لأنه من الصعب القضاء على فكرة أو أيديولوجية، وشعب يعمل على تلك الأيديولوجية، وخاصة بالنظر إلى الوضع الجيوسياسي الذي كان موجوداً هناك منذ عام 1948″، مشيراً إلى دور الضغط الشعبي في الوصول إلى وقف إطلاق النار.
وتأتي مطالبة 100 موظف في الكونغرس الأمريكي الرئيس جو بادين بتحرّك فوري لمنع وقوع مزيد من الضحايا المدنيين الأبرياء في قطاع غزة، وإيقاف الحرب، لتقدّم تفسيراً إنسانياً أمريكياً لوقف إطلاق النار حيث لا بدّ من إيجاد سبب لذلك بعيداً عمّا فرضه الميدان من عجز جيش الاحتلال عن الانتصار في عمليّته البرية وخسارته عدداً كبيراً من الجنود والآليات، وذلك كلّه طبعاً بذريعة ارتفاع حصيلة الضحايا في غزة التي تجاهلها الأمريكي منذ بداية العدوان، وأن واشنطن توصّلت مؤخراً إلى أن الصراع لا يمكن حلّه بالوسائل العسكرية.
ويبدو واضحاً أن الإدارة الأمريكية التي منحت الصهاينة كل هذا الوقت لإنجاز الانتصار هي ذاتها التي تدعو الآن إلى وقف إطلاق النار، لأنها في الحقيقة لا تصل إلى هذه النتيجة إلا عندما يشعر الإسرائيلي بالفعل أنه بات عاجزاً عن الاستمرار، ولكنه لا يستطيع التسليم بالهزيمة.
طلال ياسر الزعبي