محللون أم منجمون..!
وائل علي
يقدم البعض أنفسهم، ويقدمونهم، على أنهم محللون في علم السياسة أو الاقتصاد والمال والأعمال والفقه أو علم الاجتماع والفلك والغيب والزلازل والمناخ ودلالات الأرقام والحروف.. إلخ، لتفيض قريحتهم وتستفيض بما يصح ولا يصح، ويجوز ولا يجوز، على خلفية المعلومات والمعطيات التي يتم تجميعها وقصها من هنا وهناك لتوحي بأنهم على دراية ببواطن الأمور والخفايا والأحداث وتطوراتها، وأنهم قادرون على قراءة وتحليل التغيرات الجيو سياسية وتبدلات الخطوط البيانية الاقتصادية الدراماتيكية وانعكاساتها المعاشية، والتحولات والظواهر المناخية والمخاطر المحدقة بالكوكب وغيرها!!
لكن سرعان ما نكتشف أنهم لا يمتون لهذه العلوم والمعارف بصلة، وليسوا أكثر من منجمين – ولو صدقوا – ومتنبئين وضاربي مندل، أو قارئي فنجان أو كف، غايتهم قبض المال وجمعه ليس إلّا، وتحصيل أكبر عدد ممكن من المشاهدات والمتابعين على مواقع وصفحات التواصل الالكترونية…!؟
مع ذلك، تراهم يتصدرون المنابر والشاشات والجلسات والحوارات المفتوحة وصفحات التواصل الاجتماعي التي تؤكدها أرقام المتابعات الخرافية، وتصدرهم قوائم الـ “تريند” بلا منازع في سباق محموم ومنافسات مشبوهة ومشكوك بغاياتها وأغراضها!!
ورغم أن البعض تعدّى نظزية التحليل العلمي المشروع والاستنتاج المنطقي الطبيعي، وذهب نحو الإيحاء بقربه من مراكز صناعة القرار وأصحابه، عبر التأكيد أن ما يفصح عنه عبارة عن معلومات لا يمكن كشفها أو البوح بها – الآن – لاعتبارات يراها ويقدّرها المروجون، لأن الوقت لم يحن بعد.. وهكذا، إلا أن الحقيقة أنه لا علاقة لهم، لا من قريب ولا من بعيد، ولا من يحزنون، وأنهم أصلا في آخر قائمة من يعلمون!
مانود قوله أنه من المهم بمكان عدم الذهاب بعيداً والانجرار خلف أوهام هؤلاء “المنجمين” الذين يقتاتون على أطباق الإشاعة ومفرزاتها وتأثيراتها على النفوس والفلوس، سيما أننا نقترب من آخر العام الذي تنشط وتنتعش فيه هذه الأجواء والطقوس والممارسات التي نرى أنه لا يجوز تركها بعيدا عن الضبط والمراقبة والمساءلة أيضا..