مجلس الأمن الغارق في التسييس
تقرير إخباري
بعد مرور شهر ونصف تقريباً على اندلاع الصراع في غزة والذي أودى بحياة 12800 شخص، وبعد أربع محاولات فاشلة لتبني قرار بشأن الصراع، قام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أخيراً بذلك يوم الأربعاء الماضي.
يدعو القرار الذي صاغته مالطا إلى هدنة إنسانية عاجلة وممتدة لعدد كاف من الأيام للسماح بوصول المساعدات إلى القطاع الفلسطيني المحاصر، من بين أعضاء مجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 مقعداً، صوتت 12 دولة لصالح القرار، وامتنعت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عن التصويت على أساس أنه لا يتضمن انتقاداً صريحاً للمقاومة، وكذلك فعلت روسيا إذ تعتقد أنه بدلاً من “التوقف المؤقت” كان ينبغي للقرار أن يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار وهو ما تعتقد أنه ضرورة قصوى.
إن عدم استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) هو السبب الرئيسي الذي يجعل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قادراً أخيراً على إعطاء الضوء الأخضر للتوصل إلى قرار بشأن الصراع، فقد كانت الولايات المتحدة قد منعت صدور قرار مماثل ولكنه أوسع نطاقا في أواخر الشهر الماضي.
إن عدد الوفيات بين المدنيين في غزة بسبب الهجوم الإسرائيلي العشوائي المتزايد هو الذي دفع حتى أقرب حلفائها إلى تغيير موقفها والامتناع عن التصويت. بعبارة أخرى كان بوسع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن يتبنى قراراً أكثر شمولاً وقوة في وقت سابق لو كانت الولايات المتحدة أكثر موضوعية بشأن ما يحدث في غزة.
إن القرار الحالي الذي رفضته “إسرائيل” مجرد حل وسط من جانب الأطراف المعنية وهو ما استلزمه الضغط المتزايد الناجم عن الأزمة الإنسانية المتزايدة الخطورة في غزة.
على سبيل المثال خففت المسودة النهائية من لهجتها من “المطالبة” إلى “الدعوة” إلى “وقف مؤقت” لأسباب إنسانية. ولا عجب أن يزعم الجانب الروسي أن الجبل تمخض وأخرج فأراً، معرباً عن خشيته من أن يؤدي غياب دعوة صريحة لوقف إطلاق النار إلى تقليل احتمال حدوث هدنة إنسانية وشيكة.
إن رفض “إسرائيل” للقرار يجب أن يعمل على إيقاظ المجتمع الدولي إلى حقيقة أن تمرير القرار في الأمم المتحدة وتنفيذه في الشرق الأوسط هما شيئان مختلفان. وبذلك يتعين على الولايات المتحدة أن تستفيد استفادة كاملة من نفوذها على “إسرائيل” لإقناعها بالوقف الفوري لعملياتها العسكرية ضد المنشآت المدنية مثل المستشفيات ووقف أي تهجير قسري أو نقل للمدنيين الفلسطينيين.
هناء شروف