حالة إيجابية ولكن ؟!
معن الغادري
حجم العمل الثقيل والملفات المعيشية والاقتصادية الضاغطة، فرض على مجلس محافظة حلب الذي يعقد حالياً دورته العادية السادسة لهذا العام واقعاً جديداً وربما صعباً للغاية في آلية التعاطي مع الحاجة الماسة للتغيير، و الابتعاد عن استنساخ تجارب المجالس السابقة الفاشلة وغير المجدية في معالجة المشكلات والأزمات بتنوعها.
ولسنا هنا في معرض المديح، ولكن الإدارة الناجحة لرئيس المجلس في إدارة الجلسات والحالة الإيجابية من التفاعل والنقاش غير التقليدي وجرأة النقاشات وأسلوب المواجهة المباشرة التي تتسم بالشفافية والوضوح، غيّر الكثير من المفاهيم التي كانت سائدة فيما مضى، وأسهم إلى حد ما في كسر بعض الحواجز وليس كلها التي كانت تشكل مانعاً بين المجلس والمديريات والمؤسسات، وهو أمر على قدر كبير من الأهمية، لا بد من تعزيزه في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة، ليكون عاملاً مساعداً لجهة تصحيح مسارات العمل، ومعالجة حالات الترهل والقصور في تنفيذ الخطط والبرامج، والأهم أن يكون للمجلس دور رقابي وإشرافي حقيقي لا أن يقتصر فقط على إبداء الملاحظات والتوصيات، بل يخوّله كجهة إدارية وتنفيذية منتخبة تمثل محتلف فئات المواطنين، اتخاذ القرارات المناسبة والملزمة تجاه أي حالة خلل، خاصة ما يتعلق منها بحالات الفساد الفردية والجماعية.
وبعيداً عن تكرار بعض المطالبات من أعضاء المجلس، وصعوبة حلها لأسباب تفرضها ظروف الحصار الاقتصادي وضعف الإمكانات، نجد لزاماً على المجلس وغيره من الجهات التنفيذية والإدارية والفنية والإنشائية التعاطي بعقلية منفتحة وناضجة ومرنة مع المتغيرات والمتبدلات اليومية وفق ما تتطلبه حاجة النهوض والنمو، والاعتماد على الكفاءات والخبرات، وتوظيف الأدوات التقنية والفنية المتاحة في دعم مشروع النهوض والتطوير المطلوبين.
خلاصة القول: لا شك أن هناك خللاً كبيراً وهوة عميقة بين العمل الخططي والتنفيذي، وبعيداً عن مبررات (ضعف وتواضع الإمكانات)، يتضح أن مسؤولية التباطؤ والتراجع بنسب الإنجاز في عدد من المشاريع هي مسؤولية جماعية وفردية في آن معاً؛ ما يقتضي تبيان مواقع الخلل والقصور، وبالتالي اتخاذ ما يلزم لتصحيح العمل وفق رؤى واضحة وشفافة خاضعة للمحاسبة والمساءلة، وبمعنى أوضح إجراء عملية غربلة لفرز الغث من السمين، وأن لا يكون هناك أي متسع لمتسلل أو فاسد ضمن منظومة العمل المؤسساتي صغيراً كان أم كبيراً، وهو الدور الذي يجب أن تضطلع به المجالس المحلية، كي تكون دوراتها على مدار العام فاعلة ونافعة، لا أن تكون مضيعة للوقت وحسب.