عين الصهاينة على لبنان فُقئت
تقرير إخباري
تساءل الكثير من المراقبين للوضع على الجبهة اللبنانية مع فلسطين المحتلة حول الغاية من استمرار المقاومة الوطنية في لبنان باستهداف وسائل التنصّت والتجسّس الصهيونية على طول الحدود، وذهب بعضهم إلى أن المقاومة لا تريد رفع منسوب التصعيد هناك، من خلال تركيزها على هذه الأجهزة والابتعاد عن استهداف جنود الاحتلال مباشرة.
غير أن المراقب لهذا التركيز على هذه الأجهزة، يدرك سريعاً أن أهمية هذا الموضوع تتجاوز كل التوقّعات، فبغض النظر عن التكلفة المادية لإنشاء مراكز التنصّت الصهيونية هذه، وهي باهظة جداً، هناك جانب لا بدّ من ذكره، وهي أن هذه المراكز كانت تعمل بوصفها جهاز استخبارات متقدّماً يراقب كل شيء يتحرّك على الأراضي اللبنانية، وليس فقط على الحدود، حيث يتم الربط بين هذه الأجهزة وشبكة من الجواسيس وأجهزة التنصّت الموجودة في الداخل اللبناني.
وتعليق وسائل إعلام صهيونية على قيام المقاومة في لبنان، باستهداف أجهزة الرصد والاستخبارات على طول “الجبهة الشمالية”، بأنه “أعاد سلاح الاستخبارات في الشمال إلى العصر الحجري”، واضح جداً في الإشارة إلى هذا الجانب، فالأمر ليس مرتبطاً فقط بمراقبة الحدود كما يزعم الجانب الإسرائيلي، بل إنه يتجاوز ذلك إلى التجسس على كامل الأراضي اللبنانية.
وكانت المقاومة في لبنان قد نشرت مشاهد استهداف الأجهزة، وكشفت تفاصيل العمليات وطبيعة الأجهزة المستهدفة، مؤكّدة أنّ المواقع التي أنشأها الكيان عند الحافة الأمامية للخط الحدودي، “ليست مواقع دفاعية، كما يزعم الاحتلال، بل هي عدوان على لبنان، لا يقل خطراً عن الغارة والمدفع والصاروخ”.
وشدّدت المقاومة على أن هذه المواقع “هي قواعد تجسّس وقرصنة واستباحة، تصل إلى ما هو أبعد من الحدود اللبنانية، وتخترق خصوصيات اللبنانيين في كل مكان من دون استثناء”، وهذا يعني أنها تدرك جيداً الدور الذي تؤدّيه هذه المراصد وقواعد التجسّس من جهة، كما أنها تعلم أن تدمير هذه المراكز واستهدافها يجب أن يكون مقدّمة لمنع العدو الصهيوني من الاستفادة من هذه الأجهزة في حال وقوع مواجهة كاملة مع المقاومة اللبنانية من جهة ثانية، وبالتالي فقء العين الصهيونية على لبنان أثناء الحرب.
وإذا علمنا أنّ هذه الوسائط تتمحور حول أنظمة بصرية حرارية تستبدل العنصر البشري في المراقبة، وتُغنيه عن وضع حرس عند الحدود للمراقبة، وتعمل على إنذار العدو بشأن أيّ تحرّكات للمقاومة، وتتضمّن أنظمة ليزر لتحديد المسافات، وأنظمة تنصّت سمعية، وأنظمة تنصّت على الأجهزة اللاسلكية والاتصالات، بالإضافة إلى أنظمة رؤية ليلية ونهارية مع مناظير مقرّبة تصل إلى مسافة 5 كيلومترات، فإن كل هذه المعطيات تؤكّد أن الدور الذي قامت به المقاومة حتى الآن من خلال استهداف هذه الأجهزة هو مقدّمة لجعل العدوّ الصهيوني أعمى في الجبهة، ولا يستطيع الوصول إلى أهدافه على الأرض، إلا من خلال تثبيت عناصر مراقبة من جيشه، وبالتالي تستطيع الصواريخ الموجّهة استهداف قوّاته من مسافة قريبة جداً دون أن يتمكّن من الوصول إلى عناصر المقاومة.
وهذا طبعاً يدحض كل ما يحاول الإعلام المعادي تسويقه من أن المقاومة اللبنانية لا تقوم بما يجب من أجل تخفيف الضغط على المقاومة الفلسطينية.
طلال ياسر الزعبي