“دمية التخريب” قلباً وقالباً
تقرير إخباري
لا شك أن الأقاويل تكثر حول رئيس الأرجنتين الجديد خافيير ميلي لجهة تشبيهه بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب نتيجة غرقه بالشعبوية، أو نتيجة قيامه بحركات غريبة كالرقص والقفز أمام جمهوره تارة بمنشار البنزين وتارة باللباس اليهودي.. كل ذلك ليس هاماً فالمهم هو التوصيف الدقيق لشخصية هذا الرئيس غريب الأطوار الذي لا يمكن بأي شكل تشبيهه حتى بترامب الذي كان متزعماً لإمبراطورية الشر في العالم؛ لأن ترامب على الأقل تمرّد على السلطات المقيدة لبلاده والعالم والمفروضة من قبل الحلف الأنغلوساكسوني أو من المجمع الصناعي العسكري، وتقارب مع الصين وروسيا وفتح باب التفاوض حتى مع كوريا الديمقراطية، وحاول إحلال حالة من السلام في الشرق الأوسط- وإن عجز عن ذلك لأن ذلك باختصار ليس من صلاحياته- في وقت نشاهد “ميلي” يتغنى بقطع العلاقات مع الصين و”البريكس” والبرازيل وروسيا ومعظم المعسكر اليساري بحجة تحقيق الرفاه لمريديه عبر رميهم في مستنقع الإرتهان الغربي الذي سيدفعون ثمن الإرتماء فيه باهظاً.
هنا يمكننا إسقاط نموذج جايير بولسنارو، الرئيس البرازيلي السابق على “ميلي” نظراً للتشابه في العديد من الأفكار، والتي ربما ستقود الأرجنتين نحو المآلات ذاتها، فـ بولسنارو أطلق يد الرأسمالية والشركات الكبرى في بلاده ليدمر خطوات عقود كان قد قادها الرئيس “السابق والحالي” لويس إيناسيو لولا داسليفا الذي نجح في إرساء دعائم الإقتصاد الاجتماعي الساعي لمحاربة الفقر في المجتمع وإنهاء حالة الإنقسام، وإعادة البرازيل إلى حجمها العالمي كقوة لها صوتها في نصرة القضايا العالمية. في وقت تسبب بولسنارو حتى في تدهور غابات الأمازون والتي تعد رئة العالم، لكن ليل الشعب البرازيلي لم يطل وانتهى بعودة داسيلفا للحكم واستئنافه إعمار كل ما تم تحطيمه.
أما “ميلي” فما زال يصرخ مطالباً بتطبيق الرأسمالية وإلغاء مؤسسات دولته كالبنك المركزي، والدولرة بدلاً من عملة بلاده، محاولاً إقناع مريديه بأن هذا هو الطريق القويم لإنعاش اقتصاد بلاده الذي قاسى الأمرين حتى خرج من مشكلات التضخم المفرط، والتي على ما يبدو سيعود إليها إن تتابعت خطوات الرعونة التي سوّق لها “ميلي”.
وفي وجه آخر يمكننا إيجاد نموذج آخر شبيه لـ”ميلي” وهو “المهرج” فلاديمير زيلينسكي، رئيس نظام كييف الذي ارتمى بالحضن الأمريكي، وارتهن لتعليمات الحلف الأنغلوساكسوني، حتى جعل من بلاده التي كانت سلة للغذاء والتنوع الإنتاجي الصناعي مسرحاً طاحناً لبناها التحتية والبشرية، خلال الحرب الأمريكية بالوكالة التي أقحم جيش بلاده فيها، واضعاً إياهم في خانة العداء ضدّ إخوانهم في الثقافة والتاريخ والأرض، في روسيا الاتحادية.
وفي خطوة تعتبر غاية في انعدام الرؤية ذهب “ميلي” للتغنّي بالعلاقة بـ”إسرائيل” في ذروة إجرامها وإنفضاض كل العالم عنها شعوباً وقياداتٍ بعد وصول إجرامها حداً غير مسبوق في الوحشية ضدّ الشعب الفلسطيني.
للأسف إن وجود هذا النموذج في سدنة حكم الأرجنتين سيعكر صفو أمريكا اللاتينية الذي أرساه صعود اليسار إلى السلطة في بلدانها، وتنسيقها مع بعضها ومع القوى الصاعدة في العالم الجديد لخلق عالم أكثر عدلاً وتسوده روح التعاون لتحقيق التنمية وأمن الطاقة والأمن الغذائي وغيرها من أنواع الأمان التي حرمت منها الأمبريالية شعوب العالم. ما نأمله هو إدراك الشعب الأرجنتيني حجم الكارثة التي يقودهم إليها الرئيس الجديد الذي ابتدأ حكمه بقطع علاقاته مع زعماء هذا العالم وكياناته، قبل وقوع الأرجنتين في المحظور.
بشار محي الدين المحمد