الأسرى الفلسطينيون إلى الواجهة العالمية
تقرير إخباري
جاءت التهدئة المؤقتة بين المقاومة الفلسطينية وسلطات الاحتلال الإسرائيلي وما تضمنها من الاتفاق على تبادل الأسرى بين الطرفين لتعيد تسليط الضوء على مظلومية الأسرى الفلسطينيين ومعاناتهم مع الوحشية الإسرائيلية والتي استمرت لسنوات طويلة في ظلّ صمت المجتمع الدولي وتواطئ أمريكي وغربي مع السجان الإسرائيلي.
وللمفارقة فإن واشنطن وأتباعها سارعوا إلى تجنيد كل إمكاناتهم العسكرية والاستخبارية وعلاقاتهم الوثيقة مع عددٍ من الدول العربية لدفعها للضغط على المقاومة لإطلاق سراح المستوطنين الأسرى دون مقابل، وهو ما كانت رفضته المقاومة منذ البداية على لسان قيادييها والمتحدثين باسمها والذين أكدوا أنه لن يطلق سراح هؤلاء دون إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، ومهما كانت الأثمان الواجب دفعها.
فالإعلام الأمريكي والغربي، وإن حاول في البداية أن يعتم على مظلومية الأسرى الفلسطينيين، إلا أنه أُجبر في النهاية على الإضاءة على هذه المعاناة نتيجة العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة المحاصر، وعودة القضية الفلسطينية إلى تصدر الأخبار العالمية، فقد ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية أنّ معدّلات الاعتقال الإداري ارتفعت في الضفة الغربية المحتلة، حتى قبل الـ7 من تشرين الأول، أي اليوم الذي أطلقت فيه المقاومة الفلسطينية ملحمتها “طوفان الأقصى”، وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أنه وبموجب القانون الدولي، يُفترض ألا يُمارس الاعتقال الإداري إلا “في ظروف استثنائية”، مضيفةً: إنّ هذا الأمر أصبح القاعدة في الضفة الغربية، كما توثّق جماعات حقوق الإنسان.
الصحيفة الأمريكية أشارت إلى أرقام نشرتها منظمات حقوقية أفادت بارتفاع العدد الإجمالي للفلسطينيين المعتقلين إدارياً، من 1319 في الأول من تشرين الأول، إلى 2070 في الأول من تشرين الثاني، أي نحو ثلث إجمالي عدد الأسرى الفلسطينيين.
أما موقع “ذا إنترسبت” الأميركي فقد فضح رواية حكومة الاحتلال الإسرائيلي بشأن الأسرى الفلسطينيين، الذين أُطلق سراحهم خلال وقف إطلاق النار المؤقت في غزة، ووصفها بـ “الرواية الخبيثة والماكرة”.
وأشار الموقع إلى أنّ “أكثر من ثلثي الفلسطينيين، الذين اقترحت إسرائيل إطلاق سراحهم بموجب الهدنة، لم تتم إدانتهم بأي جرائم، بل اعتُقل معظمهم وهم أطفال”، مشيراً إلى أنّ “حكومة بنيامين نتنياهو ومؤيديها روّجوا رواية، مفادها أنّ هؤلاء السجناء جميعهم إرهابيون متشددون ارتكبوا جرائم عنيفة”، بينما “يعتمد ذلك على المنطق الهزلي المستوحى من رواية “أليس في بلاد العجائب”، والذي يتمثل بإدانتهم بصورة علنية قبل أي محاكمة”.
ليس ذلك فحسب، بل إنّ “الجيش الذي يعمل كقوة احتلال وحشية في الضفة الغربية، هو الذي يُطلق الاتهامات ضد الفلسطينيين، ويصدر قائمة بأسماء الجرائم المزعومة التي ارتكبوها”، حسب ما أوضح الموقع، الذي أفاد بأنّ “233 أسيراً من بين 300 اسم اقترحتها إسرائيل للإفراج المحتمل، لم تجرِ إدانتهم بأي جرائم، إذ يجري تصنيفهم ببساطة على أنهم قيد الاعتقال”، لكن “الأغلبية العظمى من السجناء الفلسطينيين الـ 300، الذين تقترح إسرائيل إطلاق سراحهم، هم من الصِّبْية المراهقين”.
الرواية الغربية للقضية الفلسطينية لم تعد هي المسوقة دون منازع على النطاق العالمي، وإنما أصبح للرواية التي ينقلها الفلسطينيون ومؤيديهم صوت ووصلت إلى الرأي العام العالمي بعد العدوان الإسرائيلي الهمجي على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
إبراهيم ياسين مرهج