من المستفيد من تعطيل هذه المشاريع..؟!
معن الغادري
أشرنا غير مرة ونبّهنا من خطورة تضارب الصلاحيات وتقاطع المصالح، واستمرار التعاطي المزاجي والاستئثار والتفرد بالقرارات في حلب على وجه التحديد، وخاصة ما يتعلّق منها بالخطط والدراسات وحزمة المشاريع ذات الطابع الحيوي والاستراتيجي، والمفترض أن يكون قد أنجز منها القسم الأكبر للتقدم مراحل وأشواطاً مهمّة على مستوى تحقيق التنمية المستدامة.
وهنا لا نغفل الجهود الحكومية والمتابعة الدؤوبة والمباشرة لعدد من الوزارات المعنية في إنجاز العديد من المشاريع المائية والزراعية وتوليد الطاقة وغيرها من المشاريع التي حركت ما كان راكداً وساكناً.
ولكن ما يثير الفضول والجدل على السواء هو أن الظاهر بما يتضمن من محاولات التلميع والتجميل في الكثير من مفاصل العمل بحلب، لا يتطابق مع المضمون وتفاصيله ومفرداته، والذي أقل ما يمكن وصفه بأنه مصلحي ومنفعي، ومشبع بالخلافات والتكتلات، والتي بدورها أثرت سلباً على واقع العمل والإنجاز في العديد من المشاريع الحيوية والتنموية المؤثرة.
ولعلّ الشواهد في هذا السياق كثيرة وكثيرة جداً، نذكر منها على سبيل المثال ثلاثة ملفات ما زالت حاضرة وعلى صفيح ساخن وهي (معمل السكر ومعمل الإسمنت في الراموسة بمنطقة الشيخ سعيد وفندق كارلتون المقابل لقلعة حلب)، فالقاسم المشترك الذي يجمع بين هذه المشاريع والتي تدرّ مليارات الليرات لخزينة الدولة وتوفر آلاف فرص العمل، هو وضع العراقيل وتطفيش الشركاء الذين غامروا بكل إمكاناتهم للمساهمة في دفع عجلة الاقتصاد الوطني وعملية النمو.
وإذا استثنينا عشرات المشاريع الأخرى نذكر منها محطة المعالجة ومشروع تدوير الأنقاض والاستثمارات العقارية والسياحية المتوقفة والمتعثرة بسبب الإجراءات البيروقراطية والمركزية المحكمة في اتخاذ وإنفاذ القرارات، نجد أن هناك الكثير من الحلقات المخفية والمفقودة، بحاجة إلى توضيح وإلى مكاشفة، خاصة وأنها تضرّ بالمصلحة الوطنية وبمشروع النهوض والبناء، ما يتوجّب على الحكومة والوزارات المعنية الوقوف على حقيقة ما يجري وكشف المستور، والمسارعة في إيجاد الحلول السريعة لتذليل كل ما يعيق استكمال إنجاز هذه المشاريع الأكثر حيوية من غيرها، وأن يتزامن ذلك مع تشكيل لجنة فنية وقانونية وقضائية لتذليل الصعوبات، وخاصة المصطنع منها بفعل شخصي بحت ممن يرون أنهم المتضرّرون من عملية التعافي والنهوض.
بعد هذا العرض المختصر بات واضحاً ومؤكداً أن الكثير من مفاصل العمل في حلب أضحى موسوماً بالفوضى وعدم الاتزان، وهو بلا شكّ سيبقى محكوماً بالفشل والإخفاق، فيما إذا استمر المشهد على ما هو عليه -ارتجالياً ونفعياً- على المستويين الخططي والتنفيذي، إذ لم يعد مقبولاً ترك مدينة مثل حلب بما تمثله من ثقل اقتصادي بشقيه الصناعي والتجاري، والزراعي والسياحي، على غاربها دون رقيب وحسيب، وما نأمله أن تكون زيارة وزير الصناعة إلى حلب نهاية الأسبوع الماضي وجولاته ولقاءاته مع الفعاليات الاقتصادية قد أسهمت في توضيح العديد من الجوانب التي ما زالت عائقاً وسداً أمام استكمال المشاريع، والأهم معرفة ما يمكن للوزارة فعله لحسم الجدل واللغط الذي يشوب العملية الصناعية، وخاصة ما يخصّ الاعتماد على الكفاءات والخبرات الوطنية والتي أثبتت قدرتها رغم كلّ ما خلفته الحرب الإرهابية وخلفه الحصار الاقتصادي، وأنها قادرة على العطاء والبذل بلا حدود.