النفايات المنزلية.. مصدر لإنتاج الغاز الحيوي.. ووسيلة لسد النقص في الطاقة وتلبية الطلب المتزايد
دمشق – بشير فرزان
أزمة مصادر الطاقة التي نعيشها تتطلب التفكير الجدي في أساليب وطرق جديدة لتامين هذه المصادر الأساسية في حياة المواطن اليومية وفي مجالات مختلفة وبشكل يخدم الاقتصاد الوطني، وخاصة في ظل السعي الدائم لتأمين الطاقة اللازمة والبحث عن مصادر جديدة للطاقات المتجددة تدعم المصادر الرئيسة للطاقة الأولية.
أسئلة مشروعة
فما هي الطرق والأساليب التي يمكن استخدامها لسد الحاجة على الطلب المتزايد على الطاقة؟ وكيف يمكن الاستفادة من المصادر القديمة المتجددة لتامين هذه المادة وبما ينسجم مع الجهود الهادفة للحفاظ عن البيئة ؟ وما هي قصة استخدام الغاز الحيوي الناتج عن هضم النفايات؟.
كلام مثبت
عندما نقول إن بلدنا يمتلك الكثير من الإمكانيات والعقول المفكرة، فهذا الكلام لا نبالغ فيه بل كلام مثبت بآلاف الأمثلة التي تضع أفكارها واختراعاتها في خدمة بلدها وخاصة تلك التي تقوي من مناعة بيئتنا وتؤسس لمستقبل متقدم ويتسم ببيئة نظيفة ومصادر متجددة للطاقة.
فالعقول الوطنية تحاول محاربة التلوث البيئي من خلال تقديم الأفكار الخاصة بالاستفادة من الغاز الحيوي في النفايات كمصدر للطاقة، حيث تؤكد الكثير من الدراسات والتجارب للمخترعين السوريين في هذا المجال أن الغاز الحيوي ينتج عن هضم المواد العضوية الداخلة في تركيب النفايات البلدية الصلبة ويحتوي على غاز الميثان الذي تبلغ نسبته (60%)، ويمكن الحصول على الغاز الحيوي من تحلل النفايات الغنية بالمادة العضوية في مكبات النفايات ومطامرها.
وأشارت الدراسات إلى أن تنوع أساليب معالجة النفايات الصلبة هو من المقومات الأساسية في الحفاظ على البيئة والاستفادة العلمية الاقتصادية من الكميات الهائلة من النفايات في إنتاج الغاز الحيوي فقد تم تطوير التقنية الفنية في العالم للاستفادة من الطاقة الحيوية في العديد من دول العالم والاستفادة منها في الحصول على طاقة كهربائية.
دراسة
أشارت أحدى الدراسات كدراسة المهندس رياض القابقلي التي مر عليها سنوات طويلة إلى أن المطلوب الآن من جميع دول العالم أن تخفض انبعاث غازات الدفيئة إضافة إلى أن ارتفاع أسعار مشتقات النفط أصبح حافزاً لتقليل استهلاك الوقود الأحفوري وتطوير استخدام الطاقات المتجددة ومنها طاقة الغاز الحيوي وبذلك أضحت النفايات الصلبة مصدراً للطاقة إذا ما تمت الاستفادة من الغاز الحيوي الذي ينتج من هضم المواد العضوية الداخلة في تركيب النفايات التي تحتوي على غاز الميثان بنسبة تبلغ بين 50- 70 % من مجمل الغاز الحيوي، ويتمتع غاز الميثان بقيمة حرارية قيمتها 6500 كيلو كلوري/م3.
وقال المهندس في دراسته أيضا: لا تقل نسبة المواد العضوية الداخلة في تركيب النفايات المنزلية في سوريا عن 57% من الكتلة الإجمالية للنفايات وإن أكثر الأساليب استخداماً للتخلص من النفايات في المدن العربية هي مكبات النفايات ومطامرها حيث يمكن الاستفادة من الكميات الهائلة من النفايات المنزلية الصلبة في إنتاج الغاز الحيوي من خلال عملية الهضم اللاهوائي، والاستفادة من غاز الميتان الناتج في إنتاج الطاقة بالإضافة إلى مواد صلبة محسنة للتربة يستفاد منها في رفع أداء الترب الفقيرة بالمواد العضوية، كما ينتج عن النفايات المنزلية مواد قابلة للتدوير مثل الخشب والحديد والزجاج والبلاستيك والورق والمعادن كالألمنيوم والحديد، بحيث يتم استرجاعها وإعادة تدويرها لتكون مواد أولية تدخل في الصناعة مرة أخرى بما يحقق وفراً اقتصادياً في المواد الأولية ويساعد في تحقيق هدف كبير هو التنمية المستدامة.
أصناف
وحول النفايات المنزلية أشار إلى أنها تضم ثلاثة أصناف منها نفايات عضوية (بقايا الأطعمة، القشور، نفايات المسالخ) ونفايات غير خطرة قابلة لإعادة التدوير يمكن إعادة تكرير جزء منها، ونفايات ضارة (بطاريات، لمبات الإضاءة، موازين الحرارة الترمومترات الأدوية، المحاليل، مواد التنظيف، الزيوت القديمة المستهلكة)، وهذه النفايات تنتج بانتظام من المنازل خالية من نفايات المِهن وهي من الناحية العملية تحتوي الجزء الرئيسي للنفايات الناجمة عن الشركات الصغيرة والمحلات وجميع المؤسسات (المدارس، المستشفيات، الإدارات).
خصائص
وعن خصائص النفايات المنزلية أكدت الدراسة للمهندس القابقلي على تغييرات طفيفة نسبياً بالنسبة للنفايات العضوية تَعتمدُ على بعض المعطيات منها الموقع الجغرافي للمدينة وأسلوب المعيشة ونشاط المدينة كما أن معدل إنتاج الفرد الواحد من النفايات في سوريا هو 0,5 كغ/يوم وغالبا ما يكون نظام الجمع المختلط للنفايات هو المطبق، وتعتبر كميات النفاية الناجمة عن الفرد الواحد أعلى من ذلك في بعض المناطق، ويعود السبب في ذلك إلى خلط النفايات المنزلية مع نفايات أخرى (نفايات ناجمة عن عمليات الهدم، نفايات كبيرة) والخلط بين التعداد المطلق لسكان البلدة وتعداد سكان المناطق الحضرية المحيطة بها وعدم معرفة التعداد السكاني الحقيقي لكل تقسيم إداري (تعداد سكاني غير رسمي) وعدم تقدير أثر السياحة بشكل كاف.
استخلاص
وعن كيفية استخلاص الغاز الحيوي بيّنت أن المطامر والمكبات تعتبر أكبر مصدر لغاز الميتان وقد زادت مستوياته على المستوى العالمي وقدرت نسب الغاز المنبعثة من المطامر والمكبات المكشوفة بحوالي 6% من مجموع الميتان المنبعث عالمياً حيث ينبعث الغاز من المطمر إلى الهواء ويتفاوت بالكمية والنوعية على مر الزمن.
كما أن تولد الغاز في المطمر يبلغ أقصاه بعد وقت قصير من إغلاق الموقع ويصل إلى كميات غير هامة بعد 25 إلى 30 سنة، ولاشك أن المكونات الرئيسية لغاز المطمر هي غاز الميتان (CH4) وغاز ثاني أكسيد الكربون (CO2). وهناك أيضاً كميات قليلة من غازات أخرى إضافة إلى 100 نوع مختلف من المركبات المتطايرة تم تحديدها كالبنزين وكلوريد الفينيل.
وبحسب الدراسة فإن معادلة إنتاج الغاز من النفايات تقوم على أن من طن واحد من النفايات البلدية الصلبة يُنتج كمية من غاز المطمر تصل إلى حوالي 375 متراً مكعباً، مع قيمة حرارية تصل لغاية 20 ميغا – جول لكل م3 وقد أثبتت المطامر أنها ناجحة جزئياً فقط نظراً إلى أن 60% من غاز الميتان المتولد يفلت بالتسرب (الارتشاح leakage).
ومن ناحية أخرى يعتبر نظام الجمع تحدياً حتى أن أكثر الأنظمة كفاءة في استخلاص الغاز المنبعث من المطمر لا يمكنها جمع أكثر من 70 بالمائة وكمبدأ عام يمكن لمطمر واحد يحتوي على مليون طن من نفايات البلدية الصلبة المطروحة أن ينتج على مر عشر سنوات ما ذروته 700 م3 في الساعة من الميتان.
تحلل
وبالنسبة للغاز الحيوي بين أنه الناتج عن التحلل الحيوي لمادة عضوية عند انعدام الأكسجين ويَنشأ من مادة عضوية وهو نوع من الوقود الحيوي ويُنتج عن طريق الهضم اللاهوائي أو التخمّر لمواد قابلة للتحلل الحيوي مثل الكتل الحيوية، السماد، مياه المجاري، النفايات الصلبة، النفايات الخضراء، النباتات ومحاصيل الطاقة.
كما ينتج بفعل التحلل اللاهوائي لروث الأبقار بفعل البكتيريا، وتقدر كمية الغاز الحيوي الناتج من روث بقرة واحدة يومياً بحوالي 1200 لتر, يستخدم الغاز الحيوي الناتج من روث الحيوانات لإنتاج الطاقة وفي البيوت لأغراض الطبخ وتسخين الماء والإنارة ويمتاز بأنه متجدد (لا ينضب) على عكس النفط مثلا ومتوفر ورخيص ويمكن تفككه بيولوجيا وأقل خطورة على البيئة من الفحم أو النفط بل على العكس من ذلك فإن استخدام مواده الأولية كمصدر للوقود الحيوي تخلص البيئة من الكثير من الملوثات.
وحول مصادر الغاز الحيوي أشارت الدراسة إلى المنتجات الزراعية التي تزرع خصيصا لتكون مصدرا للوقود الحيوي إلى جانب كونها مصدرا غذائيا مثل الذرة، الفول، الفول السوداني، البطاطا، زيت القمح، زيت بذور اللفت، زيت بذور الكتان وقصب السكر لينتج الإيثانول كوقود حيويا، زيت البلح، زيت بذور القنب إلى جانب أشجار الغابات، الخشب والقش والنفايات المنزلية (بقايا الطعام) والزبل (روث الحيوانات) ونفايات المجاري المنزلية.