مجلة البعث الأسبوعية

لا تخضع للقيم الرائجة لسعر العقار وإنما للعرض والطلب.. تضاعف الإيجارات في حمص بنسبة 200%

البعث الأسبوعية  – نبال إبراهيم

تشهد أسعار سوق الإيجارات الشهرية للعقارات سواء المنازل السكنية أو المحال التجارية في مدينة حمص قيماً خيالية غير مسبوقة، ما زاد الأعباء المالية للمواطن المستأجر وأصبح تحت رحمة المؤجر واستغلاله، علاوة على أن الطلب على العقارات وخاصة المنازل زاد بشكل كبير خلال الآونة الأخيرة يقابله انخفاض كبير في العرض، وأصبح إيجاد منزل للإيجار أمراً في غاية الصعوبة ولاسيما أن أسعار بدل الإيجارات المعروضة تفوق قدرة الغالبية العظمى من الذين يبحثون عن سكن بعدما أصبحت نسبة ارتفاع إيجار العقارات أضعافاً مضاعفة.

رصد ومقارنة

ورصدت “البعث الأسبوعية” قيم الإيجارات خلال هذه الآونة في عدد من الأحياء الشعبية والمخالفات والأحياء المتوسطة والحديثة أو القريبة من مركز المدينة أو المواقع الخدمية، وسُجل متوسط إيجار العقار والمنزل في الأحياء الشعبية والمخالفات مثل أحياء وادي الذهب وكرم الزيتون وحي الورود والبيّاضة ما بين 250 ألف إلى 500 ألف ليرة سورية شهرياً، فيما كان متوسط الإيجار في نفس الأحياء خلال العام الماضي بحدود 100 إلى 200 ألف ليرة سورية، فيما يتراوح متوسط إيجار المنازل والمحال في الأحياء المتوسطة مثل النزهة وعكرمة القديمة والعدوية وكرم الشامي والخضر ما بين 400 ألف إلى مليون ليرة شهرياً وكان متوسط الإيجار في العام الماضي لا يتجاوز 250 ألف ليرة سورية، وأما أسعار الإيجارات في الأحياء الحديثة أو القريبة من مركز المدينة والخدمات مثل شارع الحضارة وشارعي الدبلان والغوطة والحمرا والإنشاءات والمحطة فيتراوح حالياً ما بين مليون إلى ما يزيد عن 5 ملايين ليرة سورية بحسب حالة العقار الفنية وإكسائه ومساحته وموقعه، فيما كانت لا تتعدى إيجارها 2 مليون في العام الماضي.

معاناة المستأجرين

وأكد عدد من المستأجرين ممن تواصلت معهم “البعث الأسبوعية ” أن بدل الإيجار الشهري الذي يدفعونه للمؤجر يفوق قدرتهم المادية وأكثر من رواتبهم بكثير إلا أنهم مضطرون للإيجار لكونهم لا يملكون أي عقار يقطنون به، ما يضطرهم لعمل إضافي إلى جانب عملهم الأساسي لتلبية متطلبات الحياة المعيشية الصعبة.

وأشار عدد آخر منهم إلى أن المؤجر لا يلتزم بالسعر المتفق عليه في بداية الإيجار ويقوم باستمرار برفع الأجرة كل فترة بحجة ارتفاع الأسعار، ما يتسبب بتضاعف الإيجار شهراً بعد شهر، لافتين إلى أن عملية البحث عن عقارات للإيجار في المدينة كل ستة أشهر أو عام بعد انتهاء عقد الإيجار تؤرق حياتهم ويزيد ضغط الطلب على العقارات الأمر الذي يؤدي لارتفاع إيجارات المنازل مجدداً، وما يزيد صعوبة الأمر والضغط على المستأجرين هو أن أغلبية أصحاب العقارات السكنية يطلبون دفع قيمة الإيجار مقدماً لمدة عام كامل أو لمدة 6 أشهر وفق عقد الإيجار المنظم مع المؤجر.

تضاعف أسعار

من جانبهم بين عدد من أصحاب العقارات المؤجرين أن ارتفاع الأسعار طال كل شيء بشكل جنوني وغير مسبوق وإيجار العقارات مثلها كمثل إي شيء ارتفع وتضاعف ثمنه، مشيرين إلى أنهم مضطرون إلى رفع الإيجار بما يتناسب مع ارتفاع أسعار كل شيء ليتمكنوا من العيش وتلبية متطلبات الحياة .

وأشار البعض منهم إلى أن ثمن العقار في حي عكرمة الجديدة على سبيل المثال كان منذ سنوات لا يتجاوز 50 مليون ليرة سورية وكان بدل إيجاره لا يتعدى 50 ألف، وحالياً يصل سعر مبيعه إلى مليار ليرة سورية تقريباً ومن الطبيعي أن يصبح بدل إيجاره يزيد عن مليون أو مليوني ليرة.

زيادة الطلب

من جهتهم أشار عدد من أصحاب مكاتب الوساطة العقارية إلى تحديد أجرة العقارات إن كان شقة أو محل بعد عام 2001 يخضع لإرادة المتعاقدين وذلك بحسب المادة الأولى من القانون رقم 6 لعام 2001، موضحاً أنه يتم وفق اعتبارات معينة بحسب الطلب والموقع والمساحة والخدمات وقربها من المؤسسات كالجامعة والمشافي ومحطات الانطلاق وغير ذلك، علاوة على موضوع مدى تجهيز العقار والإكساء الذي يتميز به، مبينين أن إيجار العقارات تضاعفت خلال هذا العام لبعض العقارات بنسبة تزيد عن 200 بالمئة مقارنة بالعام الماضي، وبالتالي الكثير من المواطنين اتجهوا للاستئجار في الأحياء الشعبية ومناطق المخالفات الواقعة خارج المخطط التنظيمي لمدينة حمص لكون العقارات تكون فيها أرخص، وهذا ما زاد الطلب على العقارات وبالتالي ارتفاع بدل إيجاره، منوهين إلى أنه يوجد معاناة في إيجاد منازل للإيجار في ظل ارتفاع معدلات الطلب عليها، إذ أن العدد المتوفر من المنازل لا يتناسب مع حجم الطلب عليها.

معادلة المضاربة

ورأى آخرون أن عدد كبير من العائلات التي كانت نازحة خلال سنوات الحرب عادت إلى المدينة وليس بمقدورها ترميم منازلها ما زاد الطلب على عمليات البحث عن شقق للإيجار، خاصة أن زيادة الطلب لم يواكبها تشييد أبنية حديثة ما أثر ذلك على حركة العرض وأدخل العقارات في الكثير من المناطق والأحياء ضمن معادلة المضاربة، مشيرين إلى أنه ومع الضغط على طلب العقارات المعروضة للإيجار بدأ الارتفاع في الإيجارات سواء للعقارات السكنية أو التجارية وتضاعفها عاماً بعد عام.

واقترح عدد من أصحاب المكاتب العقارية أن تقوم شركات التعهد بالاتفاق مع أصحاب العقارات ببناء العقار بشقق متعددة مع إكساء كامل وتخصيصه بحصة متفق عليها واستثمار ما يتبقى، مشددين على ضرورة سن قانون لتحصيل مستحقات المكاتب العقارية عند تمنع طرف من الأطراف عن الدفع بدلاً من اللجوء للقضاء والمحامين لأن أجورها تفوق ما يحصله المكتب من الزبون.

أسباب الارتفاع

من جانبه عزا رئيس مجلس مدينة حمص المهندس عبد الله البواب أسباب ارتفاع الإيجار إلى تضخم الأسعار على وجه العموم و الغلاء المعيشي على وجه الخصوص، موضحاً أن من يمتلك عقار للإيجار يتحكم فيه ولا سيما أن هناك الكثير من العقارات في المدينة تهدمت وعدم إمكانية أصحابها من إعادة ترميمها ما زاد الطلب على العقارات للاستئجار.

لا تخضع للقيم

وأشار البواب إلى أن موضوع الإيجار لا يخضع للقيم الرائجة لسعر العقار وإنما يخضع للعرض والطلب ومدى قرب العقارات للمدينة، ولاسيما مع قلة المحروقات وارتفاع أسعار وسائط النقل دفع الكثير من القاطنين بالريف إلى التوجه للمدينة والإقامة فيها ما زاد الطلب على الإيجار.

العرض والطلب

من جهته أكد مصدر في مديرية مالية حمص على أن إيجار العقارات تخضع للسوق المحلية ومدى قرب هذه العقارات من مركز المدينة وموقعها من أماكن الخدمات والمؤسسات كالجامعة، بالإضافة إلى تعلق الأمر بالعرض والطلب من ناحية الاقتصاد وزيادة الطلب على منطقة دون الأخرى.

وأشار المصدر إلى أن القيم الرائجة للعقار لا تؤثر على الإطلاق بموضع الإيجارات وإنما ما يؤثر حركة السوق والموقع المكاني للعقار، وما يتميز به من حالة فنية وإكساء وقربه من المواقع العامة، موضحاً أن إيجار العقار يختلف بحسب موقعه من سكني إلى تجاري، فالمنطقة القريبة من مركز المدينة والمواقع العامة تزداد قيمتها التأجيرية وتقل في المناطق التي تبعد عنها.

الموقع هو الأساس

وبين المصدر أن موقع العقار هو الأساس في قيمة إيجاره سواء كان سكني أو تجاري بحسب الأسعار السائدة في تلك المنطقة أو غيرها.

ولفت المصدر في ختام حديثه إلى أنه لا يمكن تخفيض الإيجارات لكونها تخضع للعرض والطلب ولا يوجد ضوابط لها ولا يتحكم بها سوى حركة السوق.