معرض الخط بين الحروفية والتشكيلية
حلب- غالية خوجة
يتألق الحرف العربي بجمالياته لفظاً وكتابةً وغناءً ورسماً وعلماً، وينفصل ليتصل بمرونته وإشعاعاته وآفاقه وصوتياته وسواكنه ليتشكّل موسيقا ومعاني لا تنتهي.
فكيف تحرك هذا الحرف بأحواله المختلفة في معرض الخط العربي بدورته الثانية المحتفية بالخطاطين المؤسّسين الأخوين خالد السم الحسيني رحمه الله، وأمين السم الحسيني، علماً أن الدورة الأولى احتفت بالخطاط العريق مصطفى كمال مولوي؟.
كلاسيكية وزخرفة ورسوم
تجيبنا 41 لوحة عبّر من خلالها 31 فناناً محترفاً وشاباً، بينهم فنانتان فقط هما آية شهابي، لبنى بي، لتشكل الأعمال المعرض المقام تشاركياً بين الجمعية الحرفية للخطاطين وصنّاع اللوحات الإعلانية بحلب وفرع حلب لاتحاد الفنانين التشكيليين، في صالة الأسد للفنون الجميلة، والممتد لمدة أسبوع.
والملفت أن أنواع الخط من فارسي وديواني وثلث وغيرها، حضرت بكلاسيكيتها مع الألوان والأشكال الهندسية المختلفة والتناظرية والزخرفة والرسومات المناسبة المقتبسة من آيات القرآن الكريم، أو من جمل وعبارات وقصائد وكلمات مثل رأس النسر المتشكل من جملة “لا يطوي النسر جناحيه طالما لم يصل للقمة بعد” للفنان أسامة رضوان، بينما رسم الفنان عبد القادر منافيخي كلمة حلب مع معالم من حلب في منحوتته الجدارية، وظهرت “المندلا” بحروفية عربية تكوينية في لوحة الفنان أحمد قطاع.
حركة حيوية
وعن أهم ما يميّز لوحات الأخوين السم الحسيني، أجاب الفنان جوزيف مصلي رئيس جمعية الخطاطين: المعرض تحية لهما، وأرى أن خالد السم أبدع بالخط الفارسي والديواني والثلث والخط الهندسي، بينما أمين السم، يستمد حركته الإبداعية من رشاقة الديواني، فيعمل على التحديث والتكرار، وتكمن مهارة الخطاط العربي في ثلاثة أمور، أولها جودة كتابة الخط المنفرد، وثانيها حيوية اتصال الحرفين معاً، وثالثها روعة كتابة الجملة وحركتها التشكيلية وإيقاعاتها المنتشرة بين الكتلة والفراغ واللون والبعد الروحي، ولكنها، دائماً، بحاجة لممارسة يومية للكتابة وفنونها وتتطلب وقتاً وجهداً كبيراً.
وبدوره، تمنّى الفنان إبراهيم داود أمين سر اتحاد الفنانين التشكيليين بحلب ألا يكون هناك تكرار في عرض اللوحات، مع ملاحظة أن هناك لوحات جديدة، كما تمنى ازدياد مشاركة الفنانات.
وعن أهداف المعرض، أجابني الفنان محمد بسام مولوي ـ نائب مجلس إدارة جمعية الخطاطين: من خلال هذه الفعالية الدورية، نضيء على فن الخط كتراث، وعلى الفنانين كرواد ومؤسسين للجمعية، ونشجع محبي الخط العربي وفنياته، ليستمر هذا الفن بتشكيلات ترسمه بذاكرته وتضيف إليه الحيوية المعاصرة.
نقطة حمراء ولقطة الطغراء
وعن لوحته، قال الفنان أحمد قاسم: إنها تختلف من ناحية التنفيذ والمراد، والحرف حبر على ورق، لكن الخط العربي يقبل التشكيل وفنياته، ووجدتني أخطّ الآية الكريمة: “للذين أحسنوا الحسنى وزيادة”، باللونين الأبيض والأسود وتدرجاتهما، مع خلفية حروفية، وظهرت بعض النقاط باللون الأحمر دون أن أعلم لماذا؟.
وأجاب عندما سألته عن أهم ما يميّز لوحة قريبة من لوحته رسمها الفنان لطفي جعفر: اعتمد على “الطغراء”، وهو أسلوب تقليدي قديم اشتهرت به الأختام، لكنه ما بين مربع البسملة وبقية الكلمات اعتمد على تماوجات الألف عمودياً، وجعل منها نايات في ظهورها الأفقي.
أمّا الفنانة علياء ريحاوي ـ محاضرة في كلية الفنون بجامعة حلب، أمين سر جمعية العمارة الداخلية، فقالت: ظاهرة جميلة أن يكون للخط معرض دوري، وأن يجمع أجيالاً، ومنهم طلبة الفنون مثل الشابة لبنى بي، التي أرى لديها محاولة جريئة في إدخال الفن التشكيلي مع الخط، وأكون سعيدة عندما أشاهد أعمال الفنانين من الجيل الشاب ومشاركاتهم في المعارض.
أطفال المعرض
وضمن الصالة، يحضر الأطفال، وهذا ما ألاحظه في أغلب المعارض، ولفت نظري، طفل يتأمل اللوحات بعمق، فتعرفت إليه: الطالب محمد العبد الله الصف الثالث، أحب الرسم وفن الخط ومدربي الفنان محمد بسام مولوي، وأتمنى أن أجيد هذا الفن، لأكبر وأشارك في المعارض.