لا وجود للحلم الأمريكي
تقرير إخباري
يعتقد معظم الأمريكيين وفقاً لاستطلاع جديد أنه لا يوجد شيء اسمه الحلم الأمريكي، بينما رأى نصف الذين شملهم الاستطلاع أن الحياة في الولايات المتحدة أصبحت الآن أسوأ مما كانت عليه قبل نصف قرن.
وقد توصل عدد من الأشخاص الذين يعيشون في الولايات المتحدة إلى هذا الاستنتاج، وفقاً لمسح أجرته صحيفة وول ستريت جورنال ونشرته مؤخراً. ويعتقد أغلب الأمريكيين الآن أن الحلم الأمريكي الأسطوري ليس لهم.
وفي ظل التضخّم الكبير والدخول المحدودة، المحاطة بمشكلات اجتماعية تبدو مستعصية على الحل مثل جرائم الأسلحة النارية، وتعاطي المخدرات المتفشي، شعر 36 في المائة فقط من الناخبين أنهم ما زالوا قادرين على تحقيق الحلم الأمريكي.
وأظهر استطلاع مماثل قبل 11 عاماً أن 53% ما زالوا يؤمنون بالحلم الأمريكي، في حين انخفضت هذه النسبة إلى 48% في عام 2016، وهذا الرقم هو نفسه بالنسبة لكل من الديمقراطيين والجمهوريين.
وكشفت التفاصيل الواردة في الاستطلاع عن جذور المشكلة، ما كشف النقاب عن مجتمع يزداد انقساماً وغير متساوٍ بشكل متزايد، والشيء الوحيد الذي يبدو أنه يوحّد أولئك الذين شملهم الاستطلاع هو عدم رضاهم المتزايد، حيث قال 50 في المائة من المشاركين في الاستطلاع: إن الحياة في أمريكا أسوأ ممّا كانت عليه قبل نصف قرن، وقال النصف أيضاً إنه بعيد عن كون أمريكا أرض الفرص، إذ يعتقدون أن أنظمتها الاقتصادية والسياسية موجّهة ضدهم، ما يعيق قدرتهم على تغيير آفاقهم أو قادتهم.
وليس من المستغرب أن الكثيرين يشعرون بالاستياء إزاء الرأسمالية المتفشية التي تعطى الأولوية على الكثير من الأشياء. وفي الواقع، ربما يكون جوهر ما يعدّه الناس تحقيقاً للحلم الأمريكي متأصلاً في اكتساب الثروة والافتراض بأن المال يساوي الإنجاز، وإذا كان الحلم الأمريكي قد وُجد، فإنه لم يكن موجوداً إلا في أذهان أولئك المواطنين الذين يطمحون إلى حياة أفضل لأنفسهم ولأسرهم، حيث كانوا مقتنعين بأن المجتمع الذي يعيشون فيه يوفّر لهم الفرص اللازمة للتقدم الذاتي.
في الولايات المتحدة، أصبحت الفكرة أن كل شيء ممكن لأي شخص أقوى لأنها تساعد في ترسيخ أسطورة الاستثناء الأمريكي، التي تمارس تأثيراً قوياً في نفسية العديد من الذين نشؤوا في الولايات المتحدة، فما هو شعور الأمريكيين بعد أن صدّقوا أسطورة الحلم الأمريكي طوال حياتهم، ليستيقظوا فُجاءة على حقيقة أن الحلم الأمريكي هو مجرّد حلم.
هذا المقال المنشور في صحيفة تعدّ واحدة من أبرز الصحف في الولايات المتحدة، لا يحتوي على تحليل مفصّل أو تفسير لاتجاه الإحباط والتراجع، ولكن هناك الكثير من التعليقات التي توفر الكثير من الأدلة على عدم الاستقرار الاقتصادي الذي يشكّل أحد أسباب تعاسة الأمريكيين، حيث بلغ معدل الفقر الرسمي في الولايات المتحدة في عام 2022، 11.5%، وتضاعف معدل الفقر بالنسبة للأطفال إلى 12.5%، في غضون عام واحد، وهذا يعني أن 37.9 مليون أمريكي، موجودين في أغنى دولة على وجه الأرض، يعيشون في فقر مدقع، كما أن 28.9 مليون شخص آخر يعتمدون على الضمان الاجتماعي لإبعادهم عن الفقر، مع انخفاض دخل الأسرة المتوسطة بنسبة 2.3%، ولم يكن لدى ما يقدّر بنحو 25.9 مليون شخص أي تأمين صحي.
وهناك أيضاً مشكلات نظامية داخل الولايات المتحدة تعمل كحاجز بين الناس والحلم، حيث أودى العنف المسلح بحياة 38851 شخصاً حتى الآن هذا العام، وهناك ما يقرب من عمليتي إطلاق نار جماعي كل يوم تؤدّي إلى أربع وفيات على الأقل، وأفاد المعهد الوطني لتعاطي المخدرات بأن أكثر من 100 ألف أمريكي يموتون كل عام.
إن الفقر والمخدرات والعنف المسلح والأنظمة السياسية والاقتصادية الموجّهة ضد الناس العاديين ليست سوى عدد قليل من المشكلات الرئيسية التي تعاني منها واشنطن، وليس من المستغرب أن معظم الناس يشعرون بالإرهاق والإحباط.
عناية ناصر