أحلام السوريين ترواح في مكانها!.. العمل بالدراهم والوعود بالقنطار.. فهل سيكون عام 2024 واعداً بالحلول؟!
البعث الأسبوعية – غسان فطوم
لم يكن العام 2023 الذي أوشك على الرحيل بأفضل حالٍ من الأعوام التي سبقته بالنسبة للسوريين، فحلقات مسلسل معاناتهم ما زالت مستمرة على وقع وعود كثيرة بتحسين الأحوال، بقي أغلبها مجرد كلام على الورق لا قيمة له على أرض الواقع الاقتصادي والمعيشي الصعب، فاليوم يلملم السوريون شتات أحلامهم وأمنياتهم التي بعثرها غول الغلاء، والعتمة الشديدة، والبرد القارس الذي هجم مبكراً هذا العام قبل أن يحظوا بنعمة الـ 50 ليتر مازوت، رغم مضي قرابة ثلاثة أشهر من التسجيل عليها!.
ليس على ما يرام
على خلفية هذه المعاناة، بات مزاج الشارع ليس على ما يرام، فهناك إحساس بالغبن، والقاسم المشترك عند الأغلبية من الناس أن الحكومة أخلّت بالوعود التي قطعتها، فيما يتعلق بتحسين الحالة المعيشية، وضبط الأسعار وتحسين الواقع الكهربائي، والخدمي، وغيرها من المتطلبات والحاجات التي بات الحصول عليها ليس بالأمر السهل.
ويتساءل المواطنون: على أي أساس أو معطيات تبني الحكومة وعودها المستمرة التي لا تتحقق ولو بحدودها الدنيا؟!، سؤال يأتي وسط حالة من الاستغراب عن كيفية الحديث عن انجازات غير موجودة على الأرض، محملين الإعلام الرسمي والخاص مسؤولية تسويقها بدلاً من انتقادها!.
فشل واضح
خبراء في الاقتصاد يرون أن السبب في موت الوعود يعود لعدم نضوج العقل الاقتصادي عند أصحاب القرار، حيث يغيب التخطيط السليم لتطويق الأزمات التي باتت مزمنة على مختلف الصعد، فيما انتقد آخرون غياب الرؤية الاستباقية لحدوث الأزمات، مما أوقعنا –برأيهم- في خانة الفشل على أكثر من صعيد، رغم توفر الإمكانات والموارد المتاحة لكننا لم نعرف كيف نتصرف فيها بشكل صحيح فذهبت هدراً!.
لن يتغير شيء
ولا يتوقع خبراء الاقتصاد أن تتغير الأحوال في العام القادم، طالما الوعود بالقنطار والعمل بالدراهم، وطالما ننهج نفس الخطط والآليات في تسيير أمورنا، في وقت المفروض فيه أن نبحث عن حلول بديلة، أهمها دعم المنتج الوطني بشقيه الزراعي والصناعي، من خلال توفير مستلزمات الإنتاج بهدف استثمار كل المساحات الصالحة للزراعة، وتمكين الصناعيين من العودة إلى إطلاق العمل بمنشآتهم لا بإحباطهم بقرارات غير مدروسة، كالاعتماد على الاستيراد، بالرغم من أن استيراد أي مادة يكون بالسعر العالمي وهذا ما يرتب آثاراً سلبية على المستهلك تتمثل بارتفاع الأسعار التي لا يستطيع الدخل الشهري لأكبر موظف أن يجاريها، ولعل ارتفاع أسعار الألبسة إلى أرقام مخيفة مثال صار على ذلك بالرغم من السماح باستيراد القطن، وتمديده مؤخراً لستة أشهر إضافية.
ليست معنا
صاحب منشأة صناعية لم يتردد بالقول: أحياناً كثيرة تكون القرارات الحكومية ضدنا بدلاً من أن تكون شريكاً داعماً لنا بالعمل على إزالة العقبات المتعلقة بحوامل الطاقة وتخفيف أعباء الاستيراد وإعادة حركة الإنتاج، معرباً عن أمله أن تكون سلة العام القادم مليئة بالمحفزات على كل الصعد، كالعمل أكثر على تحسين الوضع المعيشي بهدف دعم القوة الشرائية للمواطن وغير ذلك ستبقى ورش العمل مجرد مخازن للبضائع المنتجة ومحال البيع في الأسواق أشبه بمعارض للفرجة!.
وعلى صعيد الاستثمار حدّث ولا حرج، فالإجراءات الخاصة به والمناخات المتاحة حالياً غير مشجعة بحسب قول أحد المستثمرين، متسائلاً: كيف سيقبل السوري المغترب أو حتى المستثمر العربي بالاستثمار عندنا من دون ضمانات مشجعة؟، وهل سيكون العام 2024 بأفضل حال؟.
هو سؤال كل مستثمر وطني فضّل البقاء في الوطن ولم يهرّب أمواله للخارج على أمل أن تتحسن الأحوال!.
تقشف لأبعد حد
يقول لؤي المحمود /موظف على وشك التقاعد/: وصلنا إلى أقصى درجات التقشف، و”أكثر ن هيك ما عاد فينا نتحمل”، مشيراً إلى أن العام الحالي لم يكن بأفضل حالٍ من غيره، حيث لم يشعر المواطن بأي تحسن يقوّي الأمل لديه بأن الأوضاع المعيشية والخدمية يمكن أن تتحسن في القادم من أيام، علماً أن هناك إمكانيات وموارد متاحة لو تم التعامل معها بشكل جيد ربما كانت خففت الكثير من المعاناة!.
جني الثمار
وبرأي السيدة نهلة ديب /معلّمة/ أنه من الصعب على السوري أن يجني ثمار أحلامه وأمنياته التي تنشط مع اقتراب العام الجديد في ظل ترهل الأداء وسوء التعامل مع الموارد الاقتصادية والبشرية، وقالت: من المفترض أن تعمل الحكومة بالسرعة القصوى على حسم الكثير من الملفات الشائكة، مستغربة كيف يتم الحديث عن أتمتة العمل كـالدفع الإلكتروني وهناك مئات المؤسسات لا تستطيع أن تستغني عن التعامل بالورق، عدا عن أن معظم الصرافات معطلة والشبكة خارج التغطية!.
فور الاستيقاظ!
بات من الطبيعي أن ينسى المواطن أحلامه مع كل صباح بدلاً من أن يتفاءل في تحقيقها، كلام يفصح عن حالة من انعدام الأمل عند الشباب السوري عبّر عنه أحمد سليمان طالب ماجستير الذي يرى أن أحلامه تتلاشى أمامه كلما فكّر بالمستقبل!.
وبرأيه أن ما ينقص السوريين هو العمل الجدّي على تحسين أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية المتدهورة في ظل تصاعد المعاناة دون اتخاذ إجراءات مناسبة تحدّ منها، وفيما يتعلق بالشأن الشبابي قال: إن ما نحتاجه كشباب هو إيلاء اهتمام خاص لحاجاتنا المهشمة بإقرار رزمة دعم من قبل الحكومة، متسائلاً: أين إستراتيجية تشغيل الشباب الذين باتوا خائفين وتائهين ومحبطين؟.
بالمختصر، يبدو أننا وصلنا إلى مرحلة نحتاج فيها لتطوير مهارات العمل عند المعنيين بالأمر من صانعي القرار بهدف التعامل الصحيح مع كل الملفات لتحسين الأداء الكلاسيكي وزيادة الإنتاجية كماً ونوعاً، فتلك يمكن أن تكون طريقة ناجعة لرفع مستويات الأمل المنكمش بغدٍ أفضل عن حق وحقيق يُحدث انفراجات حقيقية في العام القادم طالما تحدثوا عنها لكنها ما زالت بعيدة المنال في ظل واقع معقّد، فهل يتغير التعاطي معه ونحن على أبواب عام جديد ؟!.