في وجه الحاجة والعوز ؟!
بشير فرزان
مع اشتداد الحاجة وكثرة المتطلبات وقلة مصادر الرزق بات الكثير من الناس لا يشعرون بالإحراج من أي عمل يقومون به لكسب الرزق طالما أنه لا يعكر صفاء الحياة الاجتماعية أو يخدش حياء المجتمع خاصة في هذه الأيام المجروحة بالفقر والتي لا يُسمع الإنصات إلى نبض الشارع فيها إلا لضجيج الحياة المكتومة بالتحديات وهدير الأوجاع الناطقة بأنين الفقر.
ولم تعد الشكوى من قلة مصادر الرزق التي باتت في حدودها الدنيا بعد أن دمر الإرهاب ممتلكات الناس وخرب وسرق منشآتهم وبيوتهم ذات جدوى، فبعد ما يقارب 12 عام من الحرب والحصار الظالم بات علينا التدقيق أكثر في تفاصيل يومياتنا وتوجيه البوصلة الحياتية المعيشية بشكل عقلاني نحو قراءة المستجدات والحياة بشكل آخر، واتخاذ الكثير من الإجراءات الاحترازية التي تدور في فلك الاقتصاد المنزلي بكل أدواته وطرقه ابتداءً من العمل على تحويل منازلنا إلى منشآت إنتاجية صغيرة قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي في مراحلها الأولى سواء الزراعي منها أو الصناعي الخدمي، وذلك ضمن منظومة معيشية تعتمد على العمل الأسري الجماعي الذي يشكل اليوم مصدراً هاماً للدخل وتحسين الظروف وهذا يشكل الهدف الرئيسي لإستراتيجية المشاريع الصغيرة التي يقدم لها اليوم دعماً لا يستهان به وخاصة لجهة الإقراض وتقديم كافة التسهيلات.
ولاشك أن الكثير من التجارب التي نشاهد نتائجها اليوم من خلال مشاريع صغيرة ومتناهية الصغر تعيد التفاؤل إلى حياة الناس فأفكارهم البسيطة تحولت إلى مشاريع منتجة وذات عائدية اقتصادية جيدة يمكن من خلال انتشال عائلات كثيرة من الفقر والحاجة وإيصاله إلى ضفة تامين متطلبات العيش وإغلاق الأبواب في وجه الحاجة والعوز وهذا ما يعزز حتمية العمل والإنتاج وتعميم هذه التجارب لتكون مسارات ناجحة للاف من الأفكار التي مازالت في طور التكوين.
وطبعاً الخطوة الأولى في النجاح المعيشي تتطلب إعادة قراءة تفاصيل الحياة والواقع المعيشي والاقتصادي بشكل أعمق وبأسلوب أكثر تفاعلية قدرة على التجاوب السريع مع المتغيرات المعيشية خاصة مع تتالي الأزمات التي كرستها الحرب وظروف الحصار الاقتصادي الذي تشتد تداعياته مع الإمعان في ملاحقة لقمة عيش الموطن الذي بات محاصراً بالعديد من التحديات ولذلك ومع اشتداد قوة الحصار لابد من الانتباه إلى أن انتظار الحلول الحكومية والاتكال الكلي على إمكانياتها وما تقدمه للمواطن يشكل في هذه الأيام الصعبة انتكاسة حقيقية للجهود التي تبذل للخروج من أزمة الواقع المعاشي الحالي واستنفاذ حقيقي للفرص واستنزاف سريع للإمكانيات التي تفرض بواقعها الحالي ضرورة إتباع إستراتيجية استثمارية تستفيد وتجند كل ما هو متاح في معركة الصمود ومواجهة التحديات التي تحتاج إلى تكثيف الجهود التعامل مع الحياة بمسؤولية وبأسلوب اقتصادي جديد يحتال من خلاله على الظروف الصعبة ؟!.
ولابد من التأكيد أن الظروف الحالية رغم ضخامة التحديات وصعوبة الظروف الحياتية والمعاشية إلى أنها لازالت تمنح الكثير من الفرص التشغيلية ضمن مشاريع صغيرة تخدم حياتهم وعائلاتهم وتؤمن لهم مردود مادي لا يستهان به ولذلك لابد من تكثيف الجهود وحشد كل الطاقات لتنشيط هذا النشاط الاقتصادي “العائلي” للخروج من الأزمات وتحقيق أهداف اقتصادية وطنية ضمن إستراتيجية الإنقاذ المعيشي.