حياة المواطن على المحك..!!
غسان فطوم
يبدو أن العلاج بالأعشاب سيلقى رواجاً كبيراً عند السوريين، بعد الرفع الأخير لأسعار الأدوية بنسبة تتراوح ما بين 70- 100%، دون النظر والتفكير بمضاره ومخاطره، وسط ذهول الشارع من هذا الإجراء غير الرحيم، مهما كانت المبرّرات التي ساقتها الجهات التي تقف وراءه، فمن غير المعقول أن يدفع المواطن من ذوي الدخل المحدود كامل راتبه ثمناً للدواء ومعاينة الأطباء التي “جنّت” هي الأخرى، فكيف بمن لا يملك دخلاً؟!.
ألا يكفي زيادة أسعار حوامل الطاقة، ومن قبلها الاتصالات، عدا عن الزيادة المستمرة لأسعار المواد الغذائية، وغيرها من المواد، وكيف سيتحمّل هذا “الغلبان” في ظلّ هذه الظروف المعيشية الصعبة ألم الجيب والجسد معاً؟!.
وعلى الرغم من أن سعر الصرف مستقرّ منذ عدة أشهر، لكن مع ذلك صدرت التسعيرة الجديدة الصادمة، والتي سيكون لها الكثير من المنعكسات الاجتماعية والصحية والاقتصادية، والطامة الكبرى أن الرفع لن يتوقف عند هذا الحدّ، طالما الحجّة هي بارتفاع أسعار المواد الأولية المستوردة، وتقلبات سعر الصرف المرشّح للارتفاع في أي وقت، وهذا ما يضع أمننا الدوائي في خطر، في ظلّ غياب إستراتيجية شاملة تُشخّص واقع الأمن الدوائي، وتقترح الحلول والمعالجات التي تبقي الدواء، بل القطاع الصحي عامة، مدعوماً ومحمياً من جشع شركات تصنيع الأدوية، وتجارها الذين لن يكتفوا برفع الأسعار، بل العمل على احتكار بعض الأصناف الخاصة بالأمراض الخطيرة وأدوية التخدير بهدف بيعها بالسوق السوداء، على الرغم من التحذير من وجود أدوية مقلدة ومغشوشة!.
لا شكّ أن إقرار الرفع هو تخلٍّ واضح عن دعم الدواء ولو بالحدود الدنيا، وأن فتح الباب على مصراعيه لزيادة أسعاره سيضع حياة الملايين على المحكّ، ويقوّض بلا شكّ محاولات ضبط التضخم وتثبيت الأسعار، فالمواطن الموجوع والمتألم لا يمكن أن يعمل وينتج. وأمام هذه الحال، نسأل: على من سنراهن في إعمار البلد؟ يبدو أننا نسينا أن العقل السليم في الجسم السليم والمعافى!.
بالمختصر.. غير مقبول، تحت أي ظرف، غضّ النظر، أو التساهل، وعدم التدخل في إقرار هذه الزيادات المتتالية للأدوية التي سيعجز عن شرائها غالبية المواطنين، وخاصة مرضى الأمراض المزمنة، كالسكري والضغط وأمراض الغدة، والأمراض الخبيثة، وأمراض كبار السن والأطفال؛ وبذلك سيتحوّل الدواء إلى آفة مخيفة، وداء يستنزفُ الجيوب ويضني القلوب ويُرهقها بدلاً من أن يورق ويُشفي، فهل هانت حياة المواطن الصابر على الحلوة والمرّة إلى هذا الحدّ بعد أكثر من 12 عاماً من المعاناة المزمنة؟!!.