لو أردنا..!!
وائل علي
مع الأسف والأسى، بات شائعاً أن تغص شوارعنا وحدائقنا ومسطحاتنا الخضراء وساحاتنا العامة ومواقف السيارات وإشارات المرور ومعابر وجسور وأنفاق المشاة.. إلخ، بالمشردين والمتسولين والبؤساء ونباشي القمامة و”المقطوعين من شجرة” – كما يقال – الذين لا يجدون المأوى ولا الطعام ولا الشراب؛ ولدينا – وهنا وجه الغرابة – العشرات بل المئات، وربما الآلاف، من الميسورين والجمعيات والمنظمات الأهلية التي ترفع شعارات الخير واللمّة والتكافل والتعاضد الاجتماعي، وغيرها من العبارات العاطفية الإنشائية “الجوفاء”، كما لدينا إدارات للشؤون الاجتماعية والعدل والأوقاف وقيادات الشرطة ومجالس ووحدات الإدارة المحلية في كل محافظة، والتي من المفترض أنها تعنى وتتابع الشأن الاجتماعي، وتشتغل على معالجة المظاهر التي كبرت حتى صارت ظواهر مؤذية ومسيئة بالاتجاهين. وها هي لغة الواقع، الصادمة الجارحة القاسية، تصفعنا وتحكي لوحدها الحقيقة…
بذات الوقت، لا ننكر صعوبة الحال والواقع الذي تنوء تحت ثقله دول وحكومات، وليس منظمات وجمعيات وأفراد. لكن ذلك لا ينفي أبدا التقصير والتعثر والتخبط والفوضى التي تعصف بهذا الملف، الشكوك التي تحوم بين جنباته، والظلم الكبير الذي يطال المستهدفين، واستبعاد المحتاجين الحقيقيين، وعدم القدرة على القيام بالواجبات وتحقيق الغايات، ما يستدعي، باعتقادنا، إعادة النظر بالسياسات والبرامج الاجتماعية والقائمين عليها، لأن ما نراه اليوم ويجري على الأرض من تلك المظاهر (الظواهر) يندى له جبين الإنسانية، وهو أمر مرفوض وغير مقبول بلا شك، لا من قريب ولا من بعيد في بلاد “إغاثة الملهوف”، و”انصر أخاك ظالما أو مظلوما”، بل ينزع عنا إنسانيتنا والأخلاقيات التي اعتدنا تغنيها.
والحال ، فإن علينا إلقاء كل الذرائع جانبا، والبدء بتنظيم حملات إنسانية مستدامة شاملة حتى نصل لمجتمعات بلا محتاجين ولا متسولين ولا مشردين ولا جائعين ولا محرومين ولا مقهورين.. وهذا ليس بعسير، ولا مثالي.. لو أردنا…!؟