واشنطن عقبة أمام وقف إطلاق النار
تقرير إخباري
بعد يوم واحد فقط من استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد قرار للأمم المتحدة يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة يوم الجمعة الفائت، قالت إدارة جو بايدن إنها وافقت على البيع الطارئ لـ”إسرائيل” لما يقرب من 14000 طلقة من ذخيرة الدبابات التي تبلغ قيمتها أكثر من 106 ملايين دولار.
من الواضح أن الولايات المتحدة هي التي تشكّل العقبة الحقيقية أمام وقف إطلاق النار، وستتجاوز عملية الشراء متطلبات مراجعة الكونغرس لمبيعات الأسلحة الأجنبية، وعلى الرغم من أنها ليست غير مسبوقة، إلا أن مثل هذه القرارات التي ترى فيها الإدارة حاجة ملحّة لتسليم الأسلحة دون انتظار موافقة المشرّعين هي قرارات نادرة.
يشير ذلك إلى أن الكيان الصهيوني لا يستطيع الانتظار حتى يتم منح الضوء الأخضر من الكونغرس للمساعدة، وقد كشف ذلك عن أن عدوان “إسرائيل” لا يمكن أن يستمر من دون مساعدة الولايات المتحدة العسكرية.
وينبغي أن يؤدّي ذلك أيضاً إلى إظهار التكلفة العالية التي سيتطلبها تنفيذ تحويل غزة إلى منطقة عازلة في المستقبل، حيث تدّعي القدرة على القضاء على “حماس”، الأمر الذي سيتطلب بالضرورة مزيداً من المساعدات الأمريكية، وربما لم يكن هذا يشكّل مشكلة بالنسبة للولايات المتحدة قبل عشرين عاماً عندما كان نفط الشرق الأوسط يشكّل أهمية مركزية بالنسبة للاقتصاد الأميركي.
إلا أن الوضع مختلف الآن على الرغم من أن الولايات المتحدة ادّعت أنها قادرة على التعامل مع كل من الأزمة الأوكرانية والصراع في الشرق الأوسط في الوقت نفسه بعد وقت قصير من اندلاع الأخير، وقد أعربت كييف عن القلق الواضح والمتزايد بشأن إمكانية قيام الولايات المتحدة وحلفائها بتخفيض أو تأجيل إمداداتهم العسكرية والمالية، وهذا يؤكّد أن ادّعاء واشنطن غير صحيح فيما يخص القدرة على دعم الطرفين في آن معاً.
وأوضح رئيس مجلس النواب الجمهوري بشكل لا لُبس فيه أن “إسرائيل” هي أولوية، بينما عرقل طلب بايدن الشهر الماضي الحصول على حزمة مساعدات بقيمة 106 مليارات دولار تقريباً لأوكرانيا و”إسرائيل” وأمور أخرى تتعلق بالأمن القومي يعاني الكونغرس منها الآن.
الولايات المتحدة تواجه خياراً صعباً، فمن ناحية سيتعيّن عليها أن تبدأ في تقييم خسارتها المحتملة إذا فُطمت أوكرانيا عن الدعم الأمريكي، ومن ناحية أخرى لا تستطيع أن تتحمّل خسارة قاعدتها المتقدّمة في الشرق الأوسط، فضلاً عن الصلات الوثيقة التي تربط الشعب اليهودي بالتمويل والسياسة الأميركية، إضافة إلى أن أي انتكاسة لأوكرانيا قد توجّه ضربة قوية للمشروع الأوروبي للولايات المتحدة بعد الحرب الباردة، وأيّ انتكاسة لـ”إسرائيل” يمكن أن تسرّع بشكل ملحوظ انسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، وهو مفترق طرق استراتيجي.
وأخيراً يمكن القول: لا ينبغي لأحد أن يشكّك في أن الدموع التي تذرف في واشنطن بسبب الخسائر في الأرواح في غزة هي دموع تماسيح، والساسة الأميركيون عموماً أكثر قلقاً بشأن خسارة الولايات المتحدة مكانتها “زعيمة للعالم المتحضر”، وقبل أن تتمكّن من التوفيق بين الجبهتين، ستستمر الولايات المتحدة في ذرف تلك الدموع المنافقة، وستواصل تقديم الأسلحة إلى “إسرائيل” وأوكرانيا، وهو ما من شأنه أن يخلق سبباً جديداً للدموع الحقيقية في أماكن أخرى.
عائدة أسعد