زيت الزيتون يدخل قائمة المحظورات على موائد السوريين.. الزراعة: التصدير ليس سببا في ارتفاع الأسعار
البعث الأسبوعية – رحاب رجب
تشير أكثر التقديرات إلى أن إنتاج سورية من مادة الزيتون هذا العام لا يتجاوز نصف ما كان عليه الحال في العام الماضي، وبالتالي فإن إنتاج زيت الزيتون سيكون قليلا بالقياس إلى إنتاجه العام الماضي، ولا سيما إذا علمنا أن إنتاج الزيتون في المنطقة الساحلية ضئيل جدا هذا العام بسبب ظاهرة المعاومة التي تؤدي دورا سلبيا في هذا المجال.
ويؤكد بعض مزارعي الزيتون في المنطقة الساحلية، أن إنتاج هذا العام لا يكاد يغطي الاستهلاك المنزلي للمزارع، مدللين على ذلك بأن أسعار الزيت لم تنخفض في ذروة الموسم الحالي عما كانت عليه سابقا، حيث لا يزال سعر العبوة زنة 16 كيلو غراما يتراوح بين 1.3 مليون و1.4 مليون ليرة، وأن الأسعار في اتجاه تصاعدي كلما مر الوقت.
ويتركز إنتاج الزيتون هذا العام في المنطقتين الوسطى والجنوبية، ويؤكد العديد من الخبراء الاقتصاديين أن الانتاج المتوقع لهذا العام لا يغطي حاجة السوق المحلية، وأنه لا شيء يمكن أن يبرر التوجه نحو التصدير في ظل نقص المادة في الأسواق، وأن كثيرا من دول العالم يفضل بداية إشباع السوق المحلية ثم التوجه بعد ذلك نحو التصدير، لأن الربح المتوقع لفئة من التجار من وراء تصدير المادة، لا يجب أن يكون على حساب فقدان المادة أو غلائها الفاحش في السوق المحلية.
ومعلوم أن المزارع هو الحلقة الأضعف في تجارة زيت الزيتون، حيث ينتظر بفارغ الصبر حلول الحول حتى يتمكن من بيع محصوله لسداد الديون المستحقة عليه وشراء حاجاته الأساسية، وتترتب عليه مبالغ كبيرة للوصول بمحصوله إلى الأسواق، بينما يتحكم التاجر في النهاية بسعر المنتج الذي يحصل عليه بأسعار قليلة من الفلاح، إذ بلغت تكلفة عصر الكيلوغرام الواحد من الزيتون ستمئة ليرة سورية، وهي واحدة فقط من سلسلة تكاليف إنتاج طويلة.
مديرة مكتب الزيتون في وزارة الزراعة عبير جوهر، أكدت في تصريح ل”البعث الأسبوعية”، أن الكمية التي تمت الموافقة على تصديرها من مادة زيت الزيتون قليلة جدا وتبلغ 5 آلاف طن فقط، ولا تتعدى نسبتها 3 بالمئة من الإنتاج المحلي المقدر خلال الموسم الحالي بحوالي 49 ألف طن، وذلك طبعا في المناطق الآمنة فقط.
وأشارت جوهر إلى أن قرار فتح باب تصدير لكميات من زيت الزيتون المفلترة والمعبأة لن يكون له أثر كبير على سعر المادة في الأسواق المحلية، ومن الممكن أن يتأثر سعر الزيت في الأسواق بشكل طفيف جدا نتيجة للأثر المعنوي للقرار، ولا يلبث أن يهبط ويعود إلى سعره المتداول حاليا، وأكدت أن أسعار الزيت في الاسواق المحلية قريبة من أسعار دول الجوار.
وقالت جوهر: إن زيت الزيتون مكون أساسي لغذاء المواطنين، وينبغي أن تلتزم الشركات بالكميات الموافق على تصديرها، وأن يتم التصدير وفق علامات تجارية سورية، وبعبوات صغيرة وليس دوكما، وذلك حفاظا على مكانة زيت الزيتون في الأسواق العالمية.
وفي هذا الصدد أشارت جوهر إلى أن رئاسة الحكومة وافقت على توصية اللجنة الاقتصادية بالسماح بتصدير مادة زيت الزيتون المفلترة والمعبأة بعبوات لاتزيد على حجم 5 ليترات أو كيلوغرام بكمية لا تزيد على 5 ألاف طن، على أن يعاد النظر بزيادة هذه الكميات وفق تطورات سعر وكمية المادة في السوق المحلية.
ولفتت جوهر إلى أنه وبسبب إيقاف تصدير زيت الزيتون تعرضت الشركات المعبئة للمادة لخسارات كبيرة، والكثير منها سرح اعدادا كبيرة من عماله أو خفض رواتبهم،مضيفة: إن الحل البديل هو السماح لتلك الشركات بتصدير كميات من الزيت ولو كانت قليلة، مشيرة إلى أن هناك إيجابية أخرى في التصدير تتمثل في استمرار وجود الزيت السوري بالأسواق العالمية.
جوهر أكدت أن مقترح السماح بتصدير زيت الزيتون لم يكن مقدما من وزارة الزراعة، وإنما جاءت هذه التوصية استنادا للاجتماعات المنعقدة مع مجلس الأعمال السوري الصيني واتحاد غرف الصناعة السورية واتحاد غرف التجارة السورية ووزارة الخارجية والمغتربين لتحديد المواد القابلة للتصدير واقتراح الموافقة على تصدير الزيت بعبوات وكميات محددة، لأن منع تصدير زيت الزيتون يؤدي إلى خسارة الاسواق الخارجية وفقدان أحد أكبر موارد القطع الاجنبي.
ونحن بدورنا نؤكد أنه لا ينبغي أن يتم تفضيل مصلحة فئة صغيرة من الناس وهم التجار على مصلحة عامة الشعب التي تتأثر كثيرا بالارتفاعات المتتالية لأسعار مادة الزيت في ظل ضعف القدرة الشرائية، وأن زيت الزيتون منتج محلي ولا تجب مقارنة سعره في البلاد بأسعاره في البلدان المجاورة التي لا تنتجه أصلا، وأن الزيت المعبأ والمفلتر يمكن بيعه في الأسواق السورية ولكن التاجر يبحث دائما عن مدى الاستفادة من سعر الصرف بالنسبة إلى القطع الأجنبي، وينبغي عليه أولا تسويق المنتج في السوق المحلية بأسعار مقبولة حتى يحقق التوازن في السوق، ولا ينبغي الجري وراء التصدير على حساب مصلحة المواطن السوري.
ولا شك في المحصلة أن الجري وراء تصدير أي منتج مع ندرته وارتفاع أسعاره في السوق هو كارثة على الجميع.