سوء توزيع العمالة وثقافة الجلوس على الكراسي دون عمل حفّزت العمالة الفائضة
البعث الأسبوعية – ميس بركات
في الوقت الذي تصدح به أروقة المؤسسات والشركات والوزارات بازدياد عدد طلبات الاستقالة خلال العامين الأخيرين، كان لمؤسسات وشركات أخرى رأيها المُخالف ومعاناتها المستمرة عبر عشرات السنين من تفوّق عدد عمالتها على الأعمال الموكلة بها كمؤسسة أو شركة، والحديث هنا عن الغالبية العُظمى من مؤسساتنا التي لم تمر على بريدها اليومي طلبات استقالة خلال الأعوام الأخيرة لأسباب عديدة تتعلق بعدم رغبة شريحة كبيرة من الموظفين بالتخلّي عن الراتب “الثابت” كونه يشكل لهم مصدر أمان” من جهة، كما يمكن الاستغناء عن الالتزام بالدوام لأيام أو حتى سنوات تحت بند “التسرب الوظيفي” مع استمرارية قبض الراتب من جهة أخرى، لتخلق العمالة الفائضة تدريجياً مشكلات كبيرة تتفاقم لتصبح خطيرة، فالهدر والفساد وسوء التنفيذ وغيرها من المشكلات التي عانى ولازال يعاني منها القطاع الصناعي كان من أبرز أسبابها العمالة الفائضة.
سوء توزيع
وعلى الرغم من أن مشكلة العمالة الفائضة ليست وليدة الحرب وما بعدها، إلّا أن وزارة الصناعة تجهد في كل عام لوضع خطط لمعالجة العمالة الفائضة التي هي برأي خبراء الاقتصاد لا تخرج من دائرة سوء توزيع العمالة، أي أن ما يعاني من هذا القطاع حسب رأي دكتور الاقتصاد عابد فضلية أن القطاع الإداري بحاجة إلى معالجة وإعادة دراسات الملاكات العددية، فالمنشآت الإدارية الخدمية اليوم تعاني من تكدس للموظفين وقلة للمراجعين بينما المنشآت الإنتاجية “صناعية وزراعية ووو”تعاني من نقص في العمالة، مرجعاً سوء التوزيع هذا إلى أن الشركات والمؤسسات البعيدة عن مركز المدينة تعاني من سوء بالإدارة وسبل الدخل الإضافي فيها محدودة لذا نجد فيها نقص بالعمالة، إضافة لوجود مناطق لا تحتاج لعمالة فائضة نجد فيها عقود مؤقتة كثيرة، لافتاً إلى أن التحديات التي لا زالت تواجه شركات القطاع الصناعي العامة كانت ولا زالت كبيرة إلّا أن أبرز مشاكلها تكمن في العمالة الزائدة غير المستغلة وعدم استغلالها بالنحو الأمثل في فرص جديدة، وضعف المهارات المطلوبة لانجاز متطلبات التحول الاقتصادي، فضلا عن شح الموارد المالية المستخدمة في هذا القطاع من اجل تطوير وتحديث الصناعة، وعدم تقديمها كأولوية ضمن خطط التنمية.
تهرب من الحل
في المقابل اقتصر رد وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل على استفسارنا بمعالجة موضوع العمالة الفائضة بأن حل هذه المشكلة لا يقتصر عليها كوزارة بل أن البحث عن حلول وتطبيقها أمر ينطبق على جميع الوزارات لا سيّما وزارة الصناعة التي قامت أساساً بنقل العديد من العاملين في المنشآت المتضررة بسبب الحرب إلى منشآت إنتاجية أخرى، ومن لم يتم نقله مازال يتقاضى أجره ويحسب قائما على رأس عمله، في المقابل اعتبر محمد كوسا “خبير اقتصادي” العمالة الفائضة كذبة كبيرة لا نزال مصرين على الحفاظ على هذه المشكلة رغم أن الحل بأيدي الوزارات فلو تم إعادة توزيع العمالة على الشركات مرة أخرى بشكل أفضل فإن مشكلة العمالة الفائضة ستختفي، ذلك لوجود أماكن كثيرة تعاني من نقص العمالة، لافتاً إلى أهمية إنشاء هيئة عليا لإدارة الموارد البشرية مهمتها تخطيط ووضع استراتيجيات واضحة، وربط مخرجات التعليم مع حاجة سوق العمل الفعلي وإعادة توزيع ونقل العمالة الفائضة كل حسب اختصاصه ومهاراته دون بيروقراطية وروتين وخلال مواعيد زمنية واضحة، إضافة إلى معالجة أوضاع العمالة المريضة والمسنة ذات المردود الضئيل من خلال تقديم قوانين تكفل الحقوق التأمينية والعيش اللائق واستبدالها بعمالة شابة مؤهلة ذات مردود عال ووضع سياسات تحفيز لإشباع الحاجات الشخصية والاجتماعية للعمال على خطوط الإنتاج وتغييب ثقافة الجلوس على الكراسي خلف المكاتب.