صحيفة البعثمحليات

ورشة بحثية علمية لدراسة أثر التغيرات المناخية على محصول القمح

دمشق – زينب محسن سلوم 

أكد الدكتور موفق جبور مدير عام هيئة البحوث العلمية الزراعية في تصريح خاص لـ”البعث” أهمية تحديد مكامن الخلل وأسباب انخفاض الإنتاجية لمحصول القمح والمحاصيل الأساسية الأخرى، حيث أننا نمتلك أصناف تمتاز بإنتاجية جيدة وعالية ولكن هذه الطاقة لا تظهر نتيجة على أرض الواقع، إما لعدم تطبيق الممارسات الزراعية الصحيحة من قبل الفلاحين، أو لعدم توفر مستلزمات الإنتاج وضمن الزمن المناسب، إضافة إلى ظروف أخرى أبرزها واقع الحصار المفروض على الشعب السوري، حيث أثّر ذلك على توفر الأسمدة والمحروقات وتأمين الريّات اللازمة وخاصةً في الأوقات الحرجة والمهمة لحياة النبات.

وتابع الدكتور جبور، خلال الورشة العلمية التي أقامتها الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية بالتعاون مع وزارة الزراعة والاستصلاح الزراعي، حول “تطوير محصول القمح لمواجهة أثر التغيرات المناخية”، وذلك في مكتبة الأسد بدمشق: إن الورشة ستتضمن مقترحات وأفكاراً جديدةً لتطوير العمل المستقلبي، بعضها يتعلق بإدارة الري، وبعضها يتعلق بمواضيع التربية والتحسين الوراثي وتطوير برامجه.

وتحدث عن تجربة الهيئة في مجال تطوير المحاصيل، بالتعاون والتنسيق مع المراكز والهيئات البحثية والإضاءة على النتائج التي تم التوصل إليها خلال الورشة، مبيناً أنه بالنسبة لبرامج التربية والتحسين الوراثي يوجد شقين أساسيين بالنسبة للمحاصيل، ولا سيما محصول القمح، الأول متعلق بما يردنا من مدخلات مصدرها المنظمات والمراكز البحثية مثل “إيكاردا” و”أكساد”، لافتاً إلى أنه ورد منذ عام 2014 أكثر من 4200 صنفاً من إيكاردا و650 صنفاً من أكساد فيما يتعلق بأصناف القمح. كما يوجد هناك شق آخر متعلق بالتهجين للتربية بجهود محلية، حيث يجرى 1400 تهجين سنوياً، وتدخل سلالاته ضمن تجارب بمعدل 500 تجربة سنوياً، وتتابع السلالات والأصناف حتى نصل إلى أصناف معتمدة، وقد نجم عن تلك التجارب 24 صنفاً من القمح القاسي والطري المعتمد، و11 من أصناف الشعير، و6 من كل من الذرة الصفراء والعدس، و3 من كل من الذرة البيضاء والفول والحمص، و9 من القطن، فضلاً عن العديد من السلالات المبشرة الموجودة حالياً في جعبة الهيئة.

وأوضح مدير عام الهيئة أنه بالنظر إلى إنتاجية الأصناف المعتمدة في سنوات اعتمادها يلاحظ أنه بالنسبة للزراعة المروية كانت الإنتاجية أكثر من 7- 7,5 طن في معظم الأصناف، أما في مناطق الاستقرار الزراعي الأولى والثانية فكانت 4 طن، وفي منطقة الاستقرار الثانية 1,5 طن، لافتاً إلى وجود فجوة كبيرة في الإنتاجية على أرض الواقع، وهذا الكلام ينسحب على معظم المحاصيل، فالكثير من الأصناف مخصصة لمناطق الاستقرار الزراعي الأولى أو الثانية بإنتاجية 3-2 طن، بينما على الأرض الواقع تكون إنتاجيتها بنحو الواحد طن، وهذه الأرقام تختلف أيضاً من فلاح إلى آخر.

وأضاف: وضع القطن جيد فإنتاجيته ضمن الإكثار 4 طن، ولدينا أصناف قطن متحملة للجهد الحراري وهي في مراحلها النهائية، أما بالنسبة للبرامج الداعمة التي تقوم بها الهيئة وبرامج التربية فأهمها برنامج الربح الوراثي، وتسريع زمن برامج التربية عبر تقنية التربية السريعة ولدينا في هذا المضمار نحو 120 سلالة قادرة على إنتاج خمس أجيال سنوياً، ويجري العمل أيضاً على انتخاب بعض المورثات وخاصة في مجال الأمراض التي تصيب المحاصيل كمحصول القمح، وخاصة فيما يتعلق بصدأ القمح، كما تم بالتنسيق مع وزارة الموارد المائية إطلاق برنامج حساب الاحتياجات المائية ووضعه في الاستخدام، والعمل على طرق الري لرفع كفاءة استخدام المياه.

كذلك يتم بالتعاون مع إيكاردا العمل على إدخال موضوع الزراعة بالمصاطب والري بالمصاطب، فضلاً عن متابعة الأسمدة وتحليلها ضمن مختبراتنا، وبخصوص الزراعة الحافظة لفت إلى أنه ورغم إجراء تجارب على فوائدها في حفظ التجربة من الانجراف وتحديد المناطق المناسبة لها، في درعا وحمص وحماة، إلا أنه لم يتم استخدام وإحياء تلك التقنية الهامة حتى تاريخه.

بدوره أكد وزير الزراعة المهندس محمد حسان قطنا، على ضرورة تضافر جهود جميع الهيئات البحثية لوضع خطة منهجية للمرحلة القادمة لإدارة محصول القمح في ظلّ ما يشهده القطر من تغيرات مناخية حادة، وما تواجهه الزراعة من ظروف تهدد أمننا الغذائي، وظروف الأزمة والحصار والجفاف، وخروج عدد كبير من الأراضي عن الاستثمار أو وقوعها خارج السيطرة، ما يدفعنا لإتباع برامج جديدة ضمن خططنا الإنتاجية للوصول إلى تحسين إنتاجية محصول القمح، وتوفير احتياجاتنا الغذائية الأساسية وتخفيف فاتورة الاستيراد، حيث أننا نستورد حالياً نحو المليون ونصف المليون طن من القمح لتوفير احتياجاتنا الأساسية رغم أن بلادنا موطن القمح.

وتابع الوزير قطنا: في فترة ما قبل الحرب تم إتباع أساليب معينة لإجراء المسوحات الحقلية وتقدير الإنتاج ومعدلاته بشكل واقعي وحقيقي، ضمن مناطق الاستقرار والصنف، ما حقق الفائدة على الصعيد البحثي واعتماد الأصناف الجيدة، والتوصل إلى المعدلات المطلوبة من البذار والتسميد وإدارة المحصول، وكيفية تطوير الإنتاج والإنتاجية عبر الأبحاث، وتحديد مدى قدرتنا على التصدير أو حاجتنا من الاستيراد، موضحاً أنه تم خسارة هذه المنظومة في المسوحات خلال الأزمة، ما سبب مشكلات عديدة حالياً، وكان قد تم اعتماد المسوحات الفضائية بالتعاون مع هيئة الاستشعار عن بعد منذ عام 2005، لكن في سنوات الخير كانت هناك صعوبة في قراءة الصور الفضائية وتضارب في الأرقام، وبعد عام 2018 تم اعتماد المسح الحقلي الميداني مع الصور الفضائية، إلا أن التقديرات اختلفت عن تقديرات منظمة الفاو، وكان الحل بإتباع برنامج يعتمد على وضع مؤشرات أخرى بالإضافة إلى الصور الفضائية للوصول إلى الرقم الصحيح لتقديرات الإنتاج، مع أنظمة مراقبة للمحصول بالتعاون مع البحوث العلمية الزراعية، فتم التوصل إلى تعديل إدارة المحصول والخارطة الصنفية.

وأشار المهندس قطنا إلى أنه جرى في هذا العام عمل تشاركي مع الفاو عبر إضافة مؤشرات جديدة لتطوير تقدير الإنتاج بصورة شبه مطابقة للواقع، وبرقم إحصائي دقيق، لكل منطقة من المناطق، مبيناً وجود خطة بحثية تشاركية لاختيار الأصناف والعمل عليها لتحقيق الاستقرار فيها، وتطوير البرامج في إدارة المحاصيل والموارد المائية والأرضية، وتفعيل الأصناف المعتمدة، آملاً تكثيف البحوث مستقبلاً فيما يتعلق بالسلالات الحيوانية، وتكثيف المناقشات واللقاءات بين الباحثين الزراعيين للبحث عن حلول للمشكلات الزراعية سواء على مستوى الوزارة أو الجامعات أو الجهات البحثية والتفاعل لتحقيق مهمة وطنية والإنجاز على الأرض عبر تعاون الجميع.

مجد الجمالي مدير عام الهيئة العليا للبحث العلمي، لفت إلى أن التغيرات المناخية لها بالغ الأثر على محصول القمح، لكننا اليوم بحال أفضل نتيجة اعتماد أصناف مقاومة للتغيرات والجفاف، مشيراً إلى ضرورة استمرار الأبحاث في هذا المجال نظراً لحدّة التغيرات المناخية.