11 مهمة و8 مسؤوليات وطنية على الورق فقط… عندما نتقاعس في إسعاف اقتصادنا وتنكفئ عنه وزارته..؟!
دمشق- علي بلال قاسم
أحد عشر اختصاصاً من العيار الثقيل تتولّى وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية مهامها في مجال الاقتصاد الوطني، و8 مسؤوليات عظام تناط بها في مجال التجارة الخارجية، ومع ذلك لا يبدو الدور على الأرض بذلك المتسع التكتيكي والبعد الاستراتيجي الذي من المفترض أن تكون عليه وزارة بهذا الوزن، يعوّل عليها الكثير في قيادة ميادين النمو في زمن الاستقرار، فكيف الحال ونحن نعيش اقتصاداً هشاً ومتهالكاً بتوقيت الاعتلال، حيث سادت صورة الوزارة المنكفئة على ذاتها والمقلّة في تقديم بيانات وتقارير دورية عبر مؤتمرات صحفية وإطلالات إعلامية تشرح فيها الحالة السريرية للواقع، هذا إذا لم نعرّج على المسؤولية الأهم والمتعلقة بالحلول والوصفات الإنقاذية والإسعافية التي يتساءل الكثيرون عن غيابها، في وقت يدرك الجميع أن ثمة طواقم وقدرات وكوادر وأدمغة ومستشارين من داخل الملاك وخارجه “بعضها مركون وأغلبها تحت التصرف ومن تبقى مستبعد”، إذا افترضنا أن خبراء ومدرّسي الجامعات ودور الدراسات ومراكز الأبحاث المنتشرة ينتظرون من يمدّ لهم يد التعاون والتنسيق، لدرجة راح أحد المهتمين يسأل: أليس حرياً بوزارتنا العتيدة أن تنظم وتعقد الجلسات وحلقات التلاقح الفكري والعملي بين صاحب القرار التنفيذي ومالكي العلم والمعرفة والفكر، الذين أصيبوا بعدوى الانطواء وانحسار الفاعلية المؤثرة تحت تأثير عوامل الإحباط ومعادل التقاعس السلبي، وبالتالي لم نعد نتابع ندوات وورشات من قبيل “ندوة الثلاثاء الاقتصادي” الشهيرة كمنبر ومنصة طالما دعت إليها جمعية العلوم الاقتصادية منذ ما قبل عشر سنوات، لتطوى التجربة ونحن بأمسّ الحاجة لحراك وتفاعل حيوي من قبيلها في هذه الأيام العجاف.
في تتبع أداء وزارة الاقتصاد ينحسر ويختصر العمل على حيّز ضيق من المهمات الـ”19″ الجسام، لتجدها معنية –كما يرى الناشط الاقتصادي الدكتور شادي أحمد– بمنح شهادات استيراد الرز والسكر، ومنع ووقف استيراد وتصدير هذه المادة أو تلك، فقط من مجموع اختصاصاتها المتجسّدة في مجال التجارة الخارجية، أما الملف الوطني –اقتصاد الداخل-، فيبدو –حسب البعض– أن لشقيقتها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك شهرة أكبر فيها، ولاسيما أنها هي المنوط بها مهمّة التسعير الذي لا يعرف سوى الارتفاع على يدها، وبناءً عليه يخرج من يقترح بتحويل مهام التجارة الوطنية “للتجارة الداخلية”، وفي رأي آخر ما المانع من العودة إلى تجربة الدمج، كما حصل من قبل في أكثر من فترة وحقبة؟.
وللحقيقة لدى محاولتنا سبر دور وزارة الاقتصاد والتجارة عن كثب، كان توضيح أحد المدراء المركزيين مركزاً على تعداد مسؤوليات الوزارة في مجال الاقتصاد الوطني، دون محاولة الربط مع الواقع والمنفذ، في حركة خجولة تشي بتراجع العمل ومحدودية النشاط لقلّة الحيلة وتشعّب الظروف الضاغطة التي تكبل أيدي المعنيين في الوزارة، وبناءً عليه كان التعويل النظري عند المدير على اختصاصات معروفة وليست بجديدة، وتتمثل بالمساهمة مع الجهات المعنية في رسم السياسة الاقتصادية والتجارية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية واقتراح التدابير المناسبة لرفع معدل النمو الاقتصادي، وتنسيقها مع السياسات النقدية والمالية بما يحقق التوازن الاقتصادي الكلي وذلك تماشياً مع اقتصاد السوق الاجتماعي، ووضع الاستراتيجيات والخطط والبرامج لتنمية وترويج الصادرات وتحسين وضع الميزان التجاري وميزان المدفوعات، والمساهمة في إرساء مفهوم الاقتصاد المعرفي وتقنية المعلومات.
ولم يغفل بند معالجة الآثار السلبية على الاقتصاد الوطني الناجمة عن تحرير التجارة الخارجية والممارسات غير المنصفة في التجارة الدولية، وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني وقطاع الأعمال والمنتجات الوطنية، وهذا ما لا نجده على الأرض!!.
وفي “ليستة” التعداد هناك أولوية المساهمة في تحسين المناخ الاستثماري وتسهيل الخدمات المتعلقة بالاستثمار والأعمال وتصميم برامج وحوافز لجذب المستثمرين، وتوقيع الاتفاقيات لتشجيع وحماية الاستثمارات، والانضمام إلى المعاهدات الدولية ذات الصلة بضمان الاستثمار وآليات فضّ النزاعات الناجمة عن الاستثمار، والإشراف على قطاع الأعمال في سورية، وإحداث مركز للسياسات الاقتصادية والتجارية والإشراف عليه.
أما في مجال التجارة الخارجية فتتولى وزارة الاقتصاد –كما يضيف- اقتراح أحكام التجارة الخارجية والإشراف على تنفيذها، والمشاركة في اقتراح التشريعات ذات الصلة بالتجارة الخارجية واتخاذ الإجراءات اللازمة بالتنسيق مع الجهات الأخرى، وتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية مع الدول العربية والأجنبية، وإدارة المفاوضات المتعلقة بانضمام سورية إلى المنظمات والهيئات العربية والدولية ذات الصلة، وهذا ما لا يمكن تحقيقه في هذه الظروف في ظلّ الحصار والمقاطعات.
كما عرج –محدثنا الذي تحفّظ على كشف هويته حتى لا تقوم قيامة الوزير عليه– حسب تعبيره- على إدارة العلاقات التجارية والاقتصادية مع كلّ من مجلس الوحدة الاقتصادية العربية والمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابعين لجامعة الدول العربية ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية ومنظمة التجارة العالمية، واللجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي والمنظمات المماثلة الأخرى، ومسؤوليات إحداث مكاتب التمثيل التجاري لتغطية الأسواق الخارجية والإشراف عليها وإحداث نقطة تجارة ترتبط بنقاط التجارة الدولية، وتنظيم المعارض المحلية والعربية والدولية وإقامة مراكز تجارية خارجية متنوعة بهدف ترويج وتسويق المنتجات السورية، وممارسة الرقابة الفنية (الجودة) على المستوردات والصادرات، وإحداث مركز لتنمية وترويج الصادرات السورية والإشراف عليه.
كلها عناوين عريضة وفضفاضة لاختصاصات تتخم بها أجندات الأنظمة الداخلية لأي جهة أو وزارة، ولكن لا شهادة من الميدان تعطي إثباتاً على حيوية وديناميكية طواقم وزارة اقتصادنا المريض في العلاج والمداواة، ليس باتخاذ القرار هذه المرة بل بالصيغة التفاعلية والبحثية التي يستأهلها بلد مأزوم إنتاجياً ومتخبط تسويقياً ومحروم تجارياً.. ولا ينفعه إلا الوتيرة الوطنية بدافع الاعتماد على ذواتنا لاقتصاد تبرأت منه وزارته؟!.