ثقافةصحيفة البعث

الأجوبة المشتهاة في وجوه التشكيلية هناء العقلة

رائد خليل

من السهل أن ترتّب العناوين اللونية، لكنّ الصعوبة أنْ تلتقطَ مسمياتٍ تتوالد بنزعة الذات أولاً، وتتقاطع فيها مبررات الوجد مع كثافة اللون بكلّ ذرائعه ثانياً.

هي اللوحة النابضة التي جدّدت فيها التشكيلية الفلسطينية هناء العقلة مفهوم القيمة، وراهنت بسردها العميق المختزل على المجال البنيوي، وهي القادرة على رتق المضامين بخيوط ماطرة على يباب ما يُقدَّم.

تستحضر الفنانة هناء مفردات سطوحها اللونية من معين الثقافة البصرية، الممزوجة بحكاية متجذّرة، تفتح لها سبل التجلّي، وتلوّن الطيف بمفردات حسيّة ضمن إطار مدروس العناصر والتفاصيل وسياقات التأمل، وتأخذها حالة “الغرافيك” إلى ترسيخ فكرة مصانة الجوانب، وحافلة بالحشود اللونية من حرية اليد إلى أقصى درجات الدهشة!. وجوه، وأقاويل غارقة في سرد نصيّ له خصوصية متوالية، تجعل العين تفكر في الحمولات بعيدة المدى.

ترى الفنانة هناء في احتواء المكونات جاذبية مفتوحة على خيارات القراءة المتعدّدة، وصولاً إلى الهدف، والتفرّد في زمن الزحمة، والتقليد لفن رسم ملامحه منذ ألفين ونبض.

تكوينات متنوعة محفورة في سياق بصري متوالد الأفكار والألوان والكلمات المتشابكة التي خلقت اتجاهات حداثوية، مرصوفة بعناية، مستندة إلى مفردات واقعية حوّرتها الفنانة على نحو  يتوافق مع إيقاع العصر.

ولم تنسَ توثيق التقاويم، فقد أنجزت الوجوه المغموسة في الذاكرة كحالة بوح حافل بمنطق عشقها للحياة، والأرض، أجيج يرافق صحوة اللون يمنة ويسرة، في محاولة لكسب مفردات الصياغات، وتجريد الممكن في لوحات كثيرة، لتترك لنا مساحة القراءة في مسالك مشذبة الغايات.

نرى في المنجز، المصاحب لذات الفنانة، قول النبض، وحرية الشكل والمضمون في فضاءات تجعل الاختزال بادرة مسنبلة في حقول التنوع، وتصريحاً بليغاً يستنبط جماليات الأشياء في سرمدية مفتوحة، تعقبها نقاط الكمال، والولادة لذوات مضيئة بالوله، والإنشاد، وتأتي بعض الأعمال كسؤال الومضة، يأخذ بأيدينا في جهات التأويل الممكن.

إذاً.. هي حكائية تشي بأرضية معجونة بتلاوين الوقع، والاستمالة نحو تحقيق المراد، ورسم ملامح صعوده وتحليقه.

أسئلة كثيرة تُطرح، رغم قلّة الأصيل المكتوب، والمنطوق، والمرسوم، وهذا يعني أنّ الأجوبة المشتهاة لا تقف على جرف الدلالة، وتجلياتها، بل هي سعي حثيث لخلق متخيل جديد، يتماهى مع باكورة المرئي في مغامرات، واستعارات، وتنصيص يعيد ألق المساحة وأقاصيها الحاذقة!.