ثقافة

بمعرضه الفردي الثالث.. فقيري: النستعليق أصعب من خط الثلث والرقعة

ملده شويكاني

“يا إلهي.. أنت سقيتني وأنا شربت” ترجمة من شعر عبد الله الأنصاري الأفغاني خطّها الفنان الخطاط محمد علي فقيري باللون الأخضر، وزاد من تأثير معناها تأطيرها بالأخضر، حيث شغلت مكاناً في معرضه الفردي الذي أقيم في المركز الثقافي العربي بـ”أبو رمانة” ضمن فعاليات مهرجان “محبة قلم” الرابع.

والجميل أن الخطاط محمد علي فقيري ولد في  أفغانستان، وعاش في إيران وحصل على درجة الماجستير في الخط العربي من إيران، فأتقن خصائص فنّ النستعليق وتفاصيله وعمل بتصميم أغلفة الكتب إلى جانب اللوحات.

ويرى فقيري أن النستعليق أصعب من خطّ الثلث والرقعة والديواني، من حيث المدّات وانحناءات الأحرف حتى بحركة القلم وكمية الحبر، فالخطأ غير قابل للإصلاح ويتطلب الإعادة، لذلك كل التفاصيل يجب أن تكون مدروسة بدقة.

 لوحات قديمة وحديثة

أراد فقيري أن يجعل معرضه الفردي الثالث في سورية صورةً مصغرة عن مراحل رحلته مع النستعليق، وذلك بتقديم مجموعة لوحات من أرشيفه يعود بعضها إلى ثلاثين سنة خلت إضافة إلى لوحاته الجديدة، مستخدماً مجموعة أقلام من قياسات مختلفة من قياس نصف ميلمتر والكتابة به صعبة جداً إلى أربعة سنتميتر.

الشعر الفارسي والأفغاني

استد فقيري أغلب لوحاته من الشعر الفارسي لشعراء أمثال الخيام والسعدي والشيرازي والبسطامي وبابا طاهر، وغيرهم مع لوحات من الشعر الأفغاني، كما أفرد مساحة للوحاته باللغة العربية مستمدة من القرآن الكريم مثل البسملة وآية “ن والقلم وما يسطرون” من سورة القلم، و”توكل على الله وكفى بالله وكيلاً” من سورة الأحزاب، ومن الأدعية مثل “حسبي الله ونعم الوكيل” ولفظ “حي” من أسماء الله الحسنى، كما حفل المعرض ببعض الجمل المتضمنة أبعاداً فلسفية ونفسية مثل  “الفن يمسح عن الروح غبار الحياة اليومية”.

تكرار الجملة

السمة الأبرز في لوحاته هي تكرار المفردة المتوازن مع جمالية توزيع الأحرف على سطح اللوحة بأشكال متناغمة، ففي إحدى اللوحات كتب الجملة الأساسية وسط اللوحة باللون الأخضر، وكرر العبارة بزوايا مختلفة من اللوحة باللون الأسود بقياس أصغر، فتوقفت معه عند لوحات الخطين المتداخلين بتكرار الكتابة، فأوضح بأن تداخل الخطين هو طرح من رؤيته بتكرار الجملة ذاتها.

التنوع بالألوان والخلفيات

ومن حيث الألوان اعتمد على الأخضر والأحمر والبني والأسود المذهب مع تناغمات ورسومات الزخرفة، وتنوعت الخلفيات بزخرفتها وألوانها وفق مضمون اللوحة، وبعض اللوحات كانت على خلفيات لونية بحتة.

وعقب على سؤالي عن أقرب لوحة إليه في هذا المعرض بأنها لوحة استمدها من الشعر الفارسي، ويعني مضمونها الرمزي بأن عمر الزهور صغير لأنها ستصعد إلى السماء.

قلة وجود الأساتذة

وفي جانب آخر شارك فقيري بورشة عمل أقامها على هامش المعرض وضمن فعاليات المهرجان بانضمام ستة عشر مشاركاً ومشاركة، للتدريب على فنّ خط النستعليق، يوضّح: “كتبنا الأسماء وآيات من القرآن الكريم والأشعار، واستخدم أحد المشاركين قلماً من أقلامي بقياس أربعة ميلميتر، وبرأيي الطلاب يحبون تعلم خطّ النستعليق لكن تصادفهم صعوبات، ففي سورية استخدام هذا الخط قليل، نظراً لقلّة الأساتذة لهذا النوع من الخطوط، على الرغم من أنه كان حاضراً فيها قبل ثلاثين عاماً ثم أخذ بالانحسار، والآن يعود إلى المشهد الفني والثقافي، لكن بنسبة قليلة، ونتمنى أن يلقى اهتماماً في سورية لأنه خط جميل جداً، ونسعى من خلال معارض جمعية بيت الخط العربي والفنون لانتشاره بشكل أكبر، ولاسيما أن حضوره قوي على المستوى الدولي بالمعارض”.

اهتمام الزائرين

ونوّه فقيري بإقبال الزائرين واهتمامهم بالمعرض، وبأنه فوجئ يوم الافتتاح بحضور ما يقارب مئة شخص، بينهم فنانون وخطاطون وطلبة ومهتمون، ولم يكن يتوقع هذا العدد نظراً لصعوبة الأوضاع الاقتصادية والمواصلات.

ويحدثنا فقيري عن مشروعاته القادمة بالقول إنّه سيقدّم معرضاً خاصاً مستمداً من اللغة العربية برؤى وأساليب جديدة لخط النستعليق.