مجلة البعث الأسبوعية

قراءة أولية في كلمة الرفيق الأمين العام للحزب في اجتماع اللجنة المركزية

الرفيق د. خلف المفتاح

بداية، لا بد من الإشارة إلى أن البعثيين وكثير من السوريين كانوا – وما زالوا – يراهنون على حزب البعث العربي الاشتراكي في إطار النهوض بالوضع العام في سورية، على كافة الصعد، انطلاقاً “من موقع الحزب في ذاكرة السوريين بوصفه حزباً حكم وقاد سورية منذ أكثر من ستة عقود، وقدم نفسه خادماً للمجتمع معبراً عن قضاياه وطموحاته وآماله، على الرغم من كل ما واجه مسيرته من تحديات وإخفاقات، وما وجه له من اتهامات من قوى ناصبته العداء تاريخياً، وكانت دائماً تتحين الفرص للتصويب عليه”.

ونظراً لمكانة الحزب في وعي السوريين وذاكرتهم ورهانهم عليه، حظي اجتماع اللجنة المركزية – الذي تأخر كثيراً – باهتمام حزبي وشعبي كبير، انطلاقاً من الأمل بالتغيير الجوهري الذي يدفع بقيادات قادرة على تحمل المسؤولية، وتمتلك من الكفاءة الفكرية والتنظيمية والرؤية المستقبلية المطوّرة لمشروع البعث، الذي طالما استجاب لكل أشكال التحديات التي واجهت سورية، بحكم توفر قيادات تاريخية له استطاعت التعامل مع كل هذه التحديات والانتصار عليها، ما حافظ على موقع الحزب واستمرار مسيرته في سورية، بالرغم من حجم التحديات والمؤامرات التي استهدفته، ولاسيما خلال العقدين الماضيين.

المسألة الأخرى تتعلق بحالة الاهتمام الشعبي باجتماع اللجنة المركزية، وتفسيرها أن لـ “البعث” في سورية قاعدتين: “تنظيمية” وهي منتسبوه وأعضاؤه، و”طبقية” وهي الأوسع، أي القاعدة الجماهيرية المجتمعية التي يعبر عن مصالحها، وهي تعد بالملايين، فـ “البعث” هو قضيتهم جميعاً، وليس فقط للبعثيين، أو حزب سلطة. وإلى جانب قاعدته في سورية، فلـ “البعث” قاعدة تتجاوز الحالة السورية إلى الفضاء القومي العربي، بصفته معبراً عن طموحات التيار القومي العربي الذي يراهن على البعث في سورية. والدليل على ذلك ما حظيت به كلمة الرفيق الأمين العام بشار الأسد، واجتماع اللجنة المركزية، من اهتمام من القوميين العرب وتنظيماتهم، ولاسيما المؤتمر القومي العربي ومؤتمر الأحزاب العربية والمؤتمر القومي الإسلامي، وغيرها من تنظيمات وتيارات وشخصيات قومية عربية فهم يرون نجاح الحزب في سورية نجاحاً للفكرة القومية.

من هنا، يجب النظر لأهمية ما ستتمخض عنه الانتخابات الحزبية، وصولاً للجنة مركزية قادرة على الدفع بقيادة مركزية تحمل العناوين الفكرية والتنظيمية التطويرية، التي أشار إليها الرفيق الأمين العام للحزب، بشار الأسد، وحمّل مسؤولية ذلك الخيار لقواعد الحزب، انطلاقاً من وعيها المفترض لطبيعة التحديات، والحاجة إلى قيادات نوعية قادرة على حمل المسؤولية، وتمتلك الإمكانيات النضالية والفكر المتجدد، وتعمل بطريقة المشروع المستند إلى رؤية فكرية، ويتعامل مع العناوين الكبرى بمقاربة جديدة يستدعيها الواقع المتغير والتحديات التي تفرض نفسها على الحزب والمجتمع، والتي تثبت أن البعث ليس فعلاً ماضياً، وإنما فلسفة متجددة قادرة على الاستجابة المناسبة والضرورية لتحديات الحاضر والمستقبل، ومنفتح على التجارب العالمية، ويملك الأدوات والأفكار والآليات والديناميكية التي تمكنه من التعامل النوعي مع كل ما هو جديد، دون التخلي عن روح أفكاره وفلسفته القومية والإنسانية. وهذا كله يحتاج للقيادات النوعية القادرة على تمثل كل هذه المنظومة الفكرية، وتحويلها إلى برامج عمل مستقبلي رافعته الجماهير الواسعة التي تحمل مشروعاً وطنياً هو في جوهره نواة مشروع قومي عربي. وهنا تصبح نقطة البداية، في الوصول إلى تلك القيادات، الانتخابات الحزبية المقبلة، ودرجة تمثل الناخبين لدورها الوظيفي الاستراتيجي من خلال انتخاب لجنة مركزية، وصفها الرفيق الأمين العام، بشار الأسد، في أحد خطاباته بأنها العقل المفكر في الحزب وبرلمانه، وهذا ما سيظهره تحليل الناتج الانتخابي الذي سيستكمل بخطوة مهمة، وهي خيارات الرفيق الأمين العام لاستكمال اللوحة الوطنية، بمن يراه مناسباً وضرورياً للمهام القادمة، وهنا سيكون بموقع الناخب الكبير وكبير الناخبين.