ثقافة

الشاعر منيف حميدوش: على الحزب مواكبة المتغيرات الجديدة

أمينة عباس

يمثل ما جاء في حديث السّيد الرّئيس بشار الأسد خلال ترؤسه دورة اجتماعات اللجنة المركزية للحزب، التي انعقدت لمناقشة جدول الأعمال المقترح المقدم حول التحضير لإجراء الانتخابات الخاصة لاختيار ممثلي الحزب إلى اجتماع اللجنة المركزية الموسّع القادم خريطة عمل  للعمل الحزبي خلال المرحلة القادمة، وأثارت العديد من الأسئلة، وفتحت المجال للحوار والنقاش من قبل كل من توقف عندها ملياً، ولاسيّما فيما يتعلق بتوسيع المشاركة الحزبية في الانتخابات المقبلة وانتخاب قيادة جديدة وأهمية وضع الحزب لضوابط يحول دون تفشي المحسوبية في مؤسساته، والإجابة على سؤال أيهما الأفضل لحالة الحزب الانتخاب أم التعيين؟

أكثر من معنى

وكشاعر وكاتب وناقد وأستاذ جامعي يجد الدكتور منيف حميدوش نفسه معنياً بكل ما طُرح أعلاه، فيشير في حواره مع “البعث” إلى أن توسيع المشاركة في الانتخابات المقبلة أمر مهم جدّاً كلما ازداد عمر الأحزاب وذلك للارتقاء بالعمل الحزبي والتنظيمي من خلال تقييم تجربتها وتحريك بنيتها الداخلية والتنظيمية والفكرية، وتالياً.. فإن قرار توسيع المشاركة برأيه لم يأتِ من فراغ وإنما نتيجة دراسات وحوارات وطروحات كثيرة ومعمَّقة، وهذا ما أشار إليه الرفيق الأمين العام للحزب الرئيس بشار الأسد في  كلمته التوجيهية لأعضاء اللجنة المركزية.

ومن هنا، يؤكد حميدوش أن اعتماد هذا الجانب سيكون له منعكسات إيجابية على البنية التنظيمية للحزب وسيوسع من دائرة المشاركة للرفاق في مفاصل الحزب وتسلسل قياداته، بالإضافة إلى التقليل من عوامل التدخلات الخارجية والنفوذ المالي، وإبعاد الفكر الضيق عند ممارسة الانتخابات لأن التمثيل لا يقتصر على أعداد محددة، إنما سيشمل عدداً أكثر مما يخفف الضغط الانتخابي أثناء ممارسة العملية الانتخابية ويخفف التوترات والمشاحنات المرافقة لهذه العملية، وتالياً يسبب استقراراً وتفاعلاً إيجابياً بين المرشحين طالما هم في حالة تنافس شريف يصل بالمرشحين إلى مواقع قيادية، أما المقصود بقول الرئيس “قيادة جديدة” فيرى حميدوش أن هذه الكلمة تحمل أكثر من معنى، فإذا كان المقصود هو تغيير الأشخاص نتيجة وصول رفاقنا في القيادة الحالية إلى مرحلة لايمكن لهم العطاء أكثر مما قدموا في فترة وجودهم في القيادة فهذا أمر حسن لأن التجديد وضخ دماء جديدة في الحياة الحزبية مطلوب في كل فترة، وللحصول على النتائج المرجوة فإن المطلوب برأي حميدوش في ظل الظروف والمعطيات الحالية تغيير وتجديد منهجنا وأسلوبنا في التعاطي  مع الأمور، أما إذا كان الرئيس يقصد بـ “الجديدة” قيادة جديدة بالأفكار والمنهج وتغيير العقلية القديمة التي أصبحت جامدة، فهذا إن تحقق سيحدث تغييراً في حياة الحزب، وهذا ما يجب أن يكون برأي حميدوش، فالحياة لاتقف عند حدود وهي في تجدد دائم، وعلى القيادة أن تجدد نفسها أسلوباً وفكراً ومنهجاً، فالظروف في العالم تتبدل بين لحظة وأخرى، وبالتالي على الحزب أن يواكب المتغيرات الجديدة كي يستوعبها ويتعامل معها بمرونة.

الرقابة الحزبية الحقيقية

وبسؤالنا عمّا إذا كان الحزب يحتاج إلى وضع ضوابط تحول دون تفشي المحسوبية في مؤسساته، لا يتردد حميدوش في تأكيد أهمية وضع الضوابط لأنّها هي المستند القانوني والتنظيمي الذي يلجأ إليه الرفاق عند حدوث خلل في مؤسسة من مؤسساته، ومن دون هذه الضوابط يصبح المجال مفتوحاً لأن يفتي كل رفيق في مكتبه وعلى هواه، وهذا ما أوصل البنية التنظيمية للحزب برأيه إلى ما نحن عليه من ترهل، مبيناً أن السيد الرئيس في كلمته قسَّم المحسوبية إلى نوعين: إيجابي، وهي تلك العلاقة الحميمة بين شخصين يعكسان شيئاً إيجابياً من خلال علاقتهما، ولا ضير في أن يقدم أحدهما الآخر لموقع عندما تتوفر فيه الشروط المناسبة لهذا الموقع، وليس العكس، وسلبي هو عندما نعكس علاقتنا فيما بيننا على المؤسسة ونعطي نتائج سلبية من خلال هذه العلاقة، وهنا يجب محاربتها ومحاسبتها، وهذا لا يأتي إلا من خلال تفعيل دور الرقابة الحزبية الحقيقية من كل الرفاق أينما كانوا في مواقع القيادة.

انتخاب أم تعيين

ولا يخفي الدكتور حميدوش أن لكلا الطريقتين سلبيات وإيجابيات، فالانتخابات إن كانت نزيهة وشفافة ستعكس واقعاً ديمقراطياً حقيقياً في حياة الحزب، وتعطي كل ذي حق حقه، وغير ذلك تكون تفاصيل أخرى تعكس واقع الظلم على رفاقنا وتُبعد أصحاب الكفاءات وأصحاب الرأي والفكر، وتفرز حينها كوادر غير مؤهلة للقيام بواجباتها كما ترتضيه مصلحة من أتى بهؤلاء.، أمَّا التعيين فيقع على عاتق الجهات التي تقدم أسماء إلى الجهات المتخصصة للانتقاء، وهنا يكون للمحسوبية دور كبير برأي حميدوش الذي يؤكد أن هناك الكثير من الكوادر الموجودة على ساحة الوطن تعمل بصمت بعيداً عن سلطة المسؤولين وهي تحمل أفكاراً وطنية وتتبنى الوطن خياراً.

ويختتم الدكتور حميدوش كلامه بتأكيد ضرورة وجود لجنة دائمة على مستوى الوطن مشكّلة من السيد الرئيس شخصياً، تبحث في دوائر الدولة ومؤسساتها وفي القيادات الحزبية ومؤسسات الحزب عن كوادر وطنية بامتياز تحمل همّ الوطن وتعمل له بصمت ضمن دائرتها الضيقة التي تمارس عملها فيها، وهؤلاء كثر وقد أبعدوا أنفسهم عن المحسوبية والمجاملة أو غير ذلك حفاظاً على مكانتهم، وبالتالي على هذه اللجنة – حسب حميدوش- إعداد قوائم اسمية في كل مؤسسة ودائرة حكومية وحزبية يُستعان بها عند الحاجة، وبذلك نكون قد منحنا فرصة لهؤلاء المغيّبين ليكونوا في أماكنهم الصحيحة، وهذا ما سيعززثقتهم بوطنهم أكثر.