أخبارصحيفة البعث

محاكمة ترامب تظهر الفوضى السياسية الأمريكية

تقرير إخباري

قبل بدء الحملة التمهيدية الرئاسية الأمريكية المقبلة لعام 2024، قضت المحكمة العليا في كولورادو مؤخراً بعدم أهلية الرئيس السابق دونالد ترامب للاقتراع في الولاية بالنظر إلى المزاعم بأن ترامب شارك في الهجوم على مبنى الكونغرس “الكابيتول” في 6 كانون الثاني 2021، ما زاد عدم اليقين القانوني في الانتخابات الرئاسية العام المقبل وكشف المزيد من فساد السياسة الأمريكية.

وهذه هي المرة الأولى منذ سنوات التي تصل فيها الخلافات القانونية حول ترامب إلى مستوى السياسة. في الولايات المتحدة، عادة ما يتم فصل المسائل القانونية عن المسائل السياسية. ويبدو هذه المرة أن القانون سيتم تطبيقه للتأثير في الحقوق السياسية للشخص. هذه حالة نادرة جداً في التاريخ الأمريكي، والسبب في أنها جذبت الكثير من الاهتمام هو أنها ليست مجرّد مسألة تخص ترامب، إذ لأول مرة يتم الاستناد إلى “البند غير المعروف في التعديل الرابع عشر لدستور الولايات المتحدة”، وهذا الحدث يحمل أهمية كبيرة بالتأكيد.

وهناك أصوات تقول: إن ولاية كولورادو كانت حجر الأساس للديمقراطيين منذ عام 2008، وسيكون لهذا الحكم تأثير كبير في حملة ترامب، فهل هذا هو الحال فعلاً؟. فمن ناحية، ستثير التغطية الإعلامية الضخمة التي تأتي مع الحكم اهتمام الناخبين مرة أخرى بهجوم الكابيتول، وتعيد النظر في ترامب باعتباره تهديداً للأمن القومي والاستقرار. ووفقاً لـ”لي هايدونغ”، الأستاذ بجامعة الشؤون الخارجية الصينية، “لو لم تمّت الإطاحة بترامب هذه المرة، فإن الحكم على الأقل يثير موجة أخرى من الشك حوله في المجتمع الأمريكي، وهو ما يمثل بلا شك ضربة قوية لسمعة ترامب وحملته”. وبالإضافة إلى ذلك، سيكون لقانون كولورادو تأثير تجريبي. وإذا لم يتم إلغاء الحكم، فيمكن أن تستشهد به ولايات أخرى في اتهامات مماثلة ضد ترامب.

ومن ناحية أخرى، فإن حملة ترامب ستؤكد بلا شك الضربة التي ستلحق بحقوقه السياسية من هذا الحكم، وبالتالي، فإن بعض أنصار ترامب سيرون ترامب مرة أخرى ضحية، وسيدافعون عنه. ومع ذلك، فإن المعسكر المؤيّد للمؤسسة أو أولئك الذين يأملون الحفاظ على النظام الحالي لا يريدون رؤية الولايات المتحدة مصدومة مرة أخرى من ترامب إذا أصبح رئيساً. ولو كان الأمر كذلك، لكان من الصعب الحفاظ على العدالة الإجرائية في الولايات المتحدة، ولا يستطيع أي نظام سياسي أن يتحمّل الصدمات المستمرة.

إن النظام السياسي الأميركي الحالي هو نتيجة الحفاظ عليه عبر الأجيال، وقد تؤدّي بعض الصدمات الأخرى إلى انهياره، وهي حقيقة تثير قلقاً كبيراً لدى الأمريكيين.

وحسب شبكة “إن بي سي”، انتقد المتحدّث باسم حملة ترامب، ستيفن تشيونغ، الحكم وأشار إلى أن الاستئناف أمام المحكمة العليا الأمريكية وشيك. وفي اليوم نفسه، حذّر الرئيس الأمريكي جو بايدن من أنه “يجب على الديمقراطيين أن يتجمعوا لهزيمة دونالد ترامب أو المخاطرة بخسارة الديمقراطية”.

ويعتقد لي أنه في حين أدان الديمقراطيون ترامب باسم الديمقراطية، فإن ممارساتهم هي في الواقع غير ديمقراطية بطريقة ما. إنهم يطلقون ادّعاءات تضخيم الذات حول السياسة الحالية للولايات المتحدة باعتبارها ديمقراطية، في حين أنها ليست كذلك، كما تعكس مواقف الطرفين تعفّن السياسة الأمريكية، وأن القانون يبدو الآن وكأنه يستخدم كسلاح سياسي.

وخلص مقال نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” مؤخراً إلى أن عام “2023” كان عاماً فظيعاً بالنسبة للنظام السياسي الأمريكي. وفي سياق متصل يقول تشانغ جيادونغ، الأستاذ في مركز الدراسات الأمريكية بجامعة فودان: إن المناقشات حول القضايا السياسية الأمريكية أصبحت الآن في وضع صعب. إن الولايات المتحدة دولة كان يُنظر إليها دائماً على أنها تعاني من العديد من الثغرات والمشاحنات الداخلية المستمرة، والفوضى السياسية هي في الواقع جوهر السياسة الأمريكية.

في الوقت الحاضر، تعيش السياسة الأمريكية حالة من الفوضى. ومع اقتراب عام الانتخابات وتزايد اتساع نطاق الإجراءات القانونية المحيطة بترامب، من المتوقع أن يصبح الانقسام في السياسة والمجتمع الأمريكي أكثر وضوحاً، ومن المرجّح أن تكون انتخابات العام المقبل مليئة باحتمالات أكثر غرابة لا يمكننا التنبّؤ بها الآن.

عناية ناصر