“خريف البنفسج” وعمق المعاناة مسرحياً
عبدالحكيم مرزوق
بحضور جمهور من المسرحيين والمهتمين، قدم المسرح القومي على خشبة قصر الثقافة في حمص، أمس، عرضاً مسرحياً بعنوان “خريف البنفسج” من تأليف وإخراج الفنان تمام العواني.
ويحكي العرض قصة رجل يدعى “أبو عبد الله”ـ جسدها العواني ـ تخطى العقد السادس من عمره، وبلغ سنّ التقاعد، ويعيش وحيداً في منزله مع ذكرياته، في ظل أجواء ماطرة يبتل فيها كل جسده بعد أن يقع في حفرة مكشوفة حيث ينقذه شرطي عند الإشارة ويجلسه في “الكولبة” التي يقف فيها، ويروي مشاهداته وهو في داخلها بشكل جميل، وينتقل بعد ذلك ليسرد تخيلاته بالاحتفال بعيد ميلاد ابنه عبد الله وزوجته “منيرة” التي جسدتها الفنانة عبير الضايع.
ثمّ يروي قصة استغلاله من قبل أحد الأشخاص، إذ باعه ماءً على أنه مازوت بعد أن قبض ثمن المازوت المفترض، ويولي هارباً، كذلك يتحدث عن أزمة الكهرباء والماء وارتفاع الأسعار، وسفر ابنه الوحيد خارج القطر للعمل، وقصة لقائه مع زوجته تحت المطر وينتهي الحفل بكشف أن كل تلك الأحداث هي تخيلات، فزوجته متوفية منذ سنوات وليس له ابن وليس عنده هاتف، من خلال الحديث الذي يدور مع “عاصم” الذي جسده طريف نوايا شقيق زوجته، والذي كان قد اتفق معه قبل يوم على الذهاب إلى المقبرة لزيارة قبر المرحومة، وهكذا يقف “أبو عبد الله” في مرحلة مفصلية من العرض ليستفيق من الأحلام ويعود إلى واقعه الذي يقول إنه يعيش وحيداً يجترّ ذكرياته ومعاناته مع المرض الذي ينهي حياته على الكنبة المتوضعة وسط المسرح.
وعلى الرغم من سوداوية الفكرة والآلام التي يعانيها البطل، جهد الممثلون على تقديم عرض ممتع، وقد نجحوا بذلك إلى حد ما، من حيث إظهار بعض اللقطات الجميلة والإنسانية، ولاسيما لحظة إخراج الشرطي لـ”أبو عبد الله” من الحفرة، ورواية مشاهداته وهو داخل “الكولبة” للناس، وهي تسير مسرعة تحت المطر، لقاء التعارف مع الزوجة والحميمية التي برزت فيه، ورقص “أبو عبد الله” مع زوجته وغناءها لمقطع من أغنية لفيروز، والمشهد الختامي الذي كان مؤلماً، ولا ننسى ما قدمته عبير الضايع في تجسيد دور الزوجة ببعض التفاصيل والانحناءة التي تدل على العمر الزمني للشخصية والصوت المستعار الذي قدمت فيه دور الزوجة وتجسيدها اللقاء الأول بكل حيوية الشباب.