هل تنزع بروكسل الأيديولوجية عن نهجها؟
تقرير اخباري
على الرغم أن القمة الرابعة والعشرين بين الصين والاتحاد الأوروبي قد أحرزت تقدماً في المساعدة على إعادة الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين الجانبين إلى المسار الصحيح، إلا أنه ما يزال هناك تفاؤل ضئيل بشأن تطوير واحدة من أهم العلاقات السياسية والاقتصادية في العالم في عام 2024.
ومع ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى نزع الأيديولوجية عن علاقته مع بكين، وعلى سبيل المثال من خلال التركيز على خطاب إزالة المخاطر والتنافس النظامي في البحر، والعودة إلى السياسة والواقعية البراغماتية، أي التعامل مع شؤون الصين والاتحاد الأوروبي بطريقة معقولة وعملية ومتبادلة المنفعة.
كما يتعين على بروكسل أن تقبل الأمر الواقع المتمثل في أن النظام السياسي في الصين يختلف عن النظام في الاتحاد الأوروبي، وأنه سيكون من الحماقة محاولة فرض قيم الغرب على الصين، وهي أقدم هيئة سياسية موجودة في العالم.
والأمر الأكثر أهمية هو أن العلاقة بين العملاقين الاقتصادي والتجاري تعود بالنفع على سكانهما البالغ عددهم 1.86 مليار نسمة، أو 22% من سكان العالم وعلاوة على ذلك، فإن العلاقات العملية بين الصين والاتحاد الأوروبي مفيدة أيضاً لتنمية هذا الكوكب المضطرب ككل.
ويأمل المراقبون أن تخضع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشيل نفسيهما بشكل دوري لفحص الواقع فيما يتعلق بالعلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي.
ويذكر أنه على الرغم أن فترة ولاية فون دير لاين ستنتهي العام المقبل، لكنها لم تكشف بعد عما إذا كانت ستتقدم لولاية ثانية مدتها خمس سنوات بعد انتخابات البرلمان الأوروبي في حزيران المقبل، أم أنها، كما يقول بعض المحللين، تتطلع لمنصب أمين عام حلف شمال الأطلسي بدلاً من ذلك كما أن ولاية ميشيل الثانية والأخيرة، ومدتها عامين ونصف، ستنتهي في كانون الأول 2024 ويبقى أن نرى ما الذي سيعنيه خروج فون دير لاين المحتمل أوخروج ميشيل المؤكد من قمة الاتحاد الأوروبي بالنسبة لمستقبل العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي.
وحسب بروكسل فإن العجز التجاري للاتحاد الأوروبي مع الصين يصل إلى نحو 430 مليار دولار وفي حين تم شحن نحو 9 في المائة من صادرات الاتحاد الأوروبي العام الماضي إلى الصين، فإن الأخيرة تمثل حوالي 21 في المائة من وارداتها وفي عام 2022 كانت الصين ثالث أكبر سوق تصدير للاتحاد الأوروبي بعد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ومصدره الأول للواردات.
ومما لا شك فيه أن العلاقات السياسية والتجارية والاقتصادية متبادلة المنفعة بين بروكسل وبكين مفيدة للمنطقتين الإداريتين الخاصتين في الصين، هونغ كونغ وماكاو أكبر مدينة في الصين ويعد الاتحاد الأوروبي ثاني أكبر مصدر للواردات إلى ماكاو بعد البر الرئيسي الصيني، وعلى هذا النحو تقوم ماكاو بدورها، استناداً إلى الحجم الصغير نسبياً لقطاع الاستيراد والتصدير لديها، لمساعدة الاتحاد الأوروبي على شحن منتجاته إلى الخارج.
وبما أنها تتمتع بعلاقات رسمية مع الاتحاد الأوروبي، فقد وقعت ماكاو اتفاقية تجارة وتعاون في عام 1992 مع المجموعة الاقتصادية الأوروبية آنذاك، والتي خلفها الاتحاد الأوروبي بعد عام وبغض النظر عن تغيير الاسم، تظل الصفقة سارية وبناء على الاتفاقية تحتفظ ماكاو أيضا بمكتب اقتصادي وتجاري في بروكسل، لكن هونغ كونغ ليس لديها اتفاق مماثل مع بروكسل.
كما يقوم معهد الدراسات الأوروبية في ماكاو بالتعاون مع جامعة ماكاو بعقد دورات لدرجة الماجستير مع العلم أنه مازال منذ إطلاقه قبل ما يقرب من ثلاثة عقود، يعزز علاقات أوثق بين ماكاو والاتحاد الأوروبي، ويعزز معرفة الطلاب المحليين بالشؤون واللغات الأوروبية، ومن المتوقع أن تظل ماكاو متحررة من القيود الأيديولوجية من خلال التزامها بأداء دورها التاريخي كمركز للتبادلات التجارية والثقافية بين الصين وأوروبا يعود تاريخه إلى قرون من الزمن.
عائدة أسعد