سوسن الزعبي.. بصمة المدينة وإيقاعات “الكولاج”
هويدا محمد مصطفى
تقدّم الفنانة سوسن الزعبي لوحات زيتية تدور في موضوعاتها حول الأشكال المعمارية القديمة والعناصر الإنسانية، مشغولة بأسلوب تبسيطي حديث يميل نحو صياغات تعبيرية تجريدية، وتبدو لوحاتها أكثر حركة وحيوية وعفوية لجهة استخدام الألوان التلقائية، إذ أنها تستعرض الأشكال بلمسات سريعة وخاطفة تتجه أكثر إلى تواترات وانفعالات الحالة الداخلية والتعبير العاطفي في اللوحة، وتظهر لمساتها أكثر انحيازاً نحو الإضاءة اللونية على خلفية معتمة، والضربات اللونية الزاهية والعنيفة التي تعالج بها الأشكال تتجه من خلالها إلى التوازن وتجعل السطح التصويري ينقل الانفعال من حيزه الداخلي إلى الخارجي، حتى إن الحارات القديمة والعناصر الإنسانية والعلاقات اللونية التجريدية تظهر في لوحاتها أو تتوالد عبر لمساتها السريعة بعفوية مطلقة، فما هو بارز في لوحاتها تلك الرغبة في تعنيف الحركة اللونية وتفعيلها في فراغ السطح التصويري. وهذا يعني أن لوحات الزعبي تبتعد عن الشفافية وتتجه إلى التكثيف اللوني، فتتحوّل إلى ما يشبه لطخات وحركات ولمسات وتشطيبات سريعة تحركها عواطفها وأحاسيسها الداخلية، وهي في معالجتها اللونية السريعة لا تتأخر بالتقاط عناصر إنسانية ومعمارية عبر تحديد إشاراتها وخطوطها الوهمية.
أدخلت الزعبي في لوحاتها الأحداث تقنية (الكولاج)، وذهبت إلى الاستفادة من نسيج وصور وكتابات القصاصات الورقية الملصقة، ثم العمل على كسر أطرافها والتخفيف من حدتها، بإضافة حركات ولمسات لونية عفوية، حيث قامت بتشكيل نافذة بيت دمشقي قديم على سبيل المثال باستغلال صورة لنافذة مطبوعة.
سوسن الزعبي من مواليد دمشق عام ١٩٦١، درست الفن في محترفات كلية الفنون الجميلة، وحازت على درجة دكتوراه فلسفة في علوم الفن من جامعة ستروغونوف ـ موسكو في عام ١٩٩١، وعرضت لوحاتها في معارض فردية وجماعية رسمية وخاصة، إلى جانب عملها في التدريس الفني في كلية الفنون الجميلة في دمشق.