مسرح خيال الظل الأمريكي
تقرير إخباري
يبدو أن مسرح خيال الظل الأمريكي مستمرّ ما دامت هناك لعبة تسمّى ديمقراطية في الانتخابات الأمريكية، فالانتخابات الأمريكية التي تقتصر عادة على حزبين رئيسين هما الحزب الجمهوري والديمقراطي، من الملاحظ أنها منذ البداية أريد منها فقط أن يصل إلى سدّة الحكم الشخص الذي يمثّل رغبات الدولة العميقة أي الحكام الرئيسيين للولايات المتحدة الأمريكية، بغض النظر عمّا إذا كان هذا الرئيس يمثّل تطلّعات الشعب الأمريكي أم لا، وذلك أن الدعاية هي السبيل الوحيد لاختيار الممثل في البيت الأبيض.
ولذلك ليس غريباً أن نشاهد تقاذف الاتهامات بين المرشحين لمقعد البيت الأبيض بطريقة ربّما تكون كوميدية أحياناً، فما يحدث على المسرح في العلن لا علاقة له بما يكون عليه الأمر في الظل، حيث يتسابق المرشحون على الحصول على تأييد أكبر عدد من الناخبين في ولايات تنقسم فيها الأصوات بشكل شبه مطلق بين الحزبين الرئيسين، هما “الحمار” الديمقراطي و”الفيل” الجمهوري، وذلك فقط لتقسيم الناخبين بين الطرفين الذين هم على وجه الحقيقة لا يستطيعون أن يمرّروا أيّ شيء دون موافقة الدولة العميقة التي لها الفيتو في النهاية على القرارات المصيرية.
ومن هنا لا غرابة في أن نرى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يقول: إن الرئيس الحالي جو بايدن قد يشعل حرباً عالمية ثالثة ويتسبّب في دمار الولايات المتحدة خلال الأشهر العشرة الأخيرة قبل الانتخابات الرئاسية، مستغلاً طبعاً الموقف الحالي الذي يتخذه بايدن من كل من أوكرانيا و”إسرائيل”، مع العلم أنه لا يستطيع أن يحقّق أيّ خرق في الموقف إذا كان عليه أن يجلس مكان بايدن، إلا بما تتيحه له حكومة الظل الأمريكية.
فـ”على الرغم من اقترابنا من موعد الانتخابات، إلا أننا لسنا قريبين بما فيه الكفاية، فعشرة أشهر كفيلة بتدمير بلدنا بالكامل”، على حدّ قول ترامب الذي جدّد تأكيده أنه لو كان رئيساً للولايات المتحدة، لما اندلعت الحرب في أوكرانيا والنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وكان سيبقي الوضع في شبه الجزيرة الكورية تحت السيطرة، بدعوى أنه يجيد التعامل مع الزعماء ومنهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي لم يكن على وجه الحقيقة على علاقة جيدة معه، وبالتالي هو المرشح الوحيد القادر على إنقاذ الولايات المتحدة، من حرب عالمية ثالثة.
وفي الوقت نفسه، يركّز بايدن على أن ترامب “مستعدّ للتضحية بالديمقراطية من أجل الوصول إلى السلطة”، وذلك استناداً إلى قضية هجوم الكابيتول التي وقف وراءها ترامب، حيث أكد الأخير أن بايدن يستخدم الحكومة كسلاح وأنه غير قادر على العمل حتى بإدارة متجر صغير، نافياً أنه يشكّل تهديداً للديمقراطية.
وتتعامل حملة بايدن مع ترامب باعتباره المنافس المفترض رغم واقع أن المعركة على ترشيح الحزب الجمهوري لن تبدأ حتى تفتتح ولاية أيوا في 15 كانون الثاني الانتخابات التمهيدية للحزب، الأمر الذي يؤكّد أن القضية لا تعدو كونها مجرّد مسرحية يقوم الطرفان بتأديتها على المسرح للحصول على الامتيازات التي يتيحها منصب رئيس البيت الأبيض، بينما تظل السياسة الخارجية رهناً بأمور أكبر من شخص الرئيس ذاته، وإن حاولت وسائل الإعلام تلميع صورة أحدهما على حساب الآخر، إذ تعدّ هذه الوسائل أيضاً أداة من أدوات الدولة العميقة.
طلال ياسر الزعبي