أخبارصحيفة البعث

توحش غربي لـ”هزيمة الشعوب”

تقرير إخباري

في ظلّ استمرار العدوان على غزة نلاحظ مدى توحّش وتنامي تطرّف ساسة أمريكا ومعظم ساسة أوروبا الغربية؛ فهم مصرون على دعم آلة القتل والدمار الصهيونية من جهة، وإطلاق تصريحات تتعلق بحقوق الإنسان وغيرها من الأسطوانات المشروخة من جهة أخرى. ولا نعلم لماذا يوقّع سيناتور أمريكي على ذخيرة هي أساساً أمريكية وتحمل توقيعاً جاهزاً من الإدارة الأمريكية، والعديد من رخص القتل و”الفيتو” وإفشالٍ للمبادرات العربية والروسية وغيرها لوقف إطلاق النار في غزة لأسباب إنسانية؟. ولماذا يواصل أولئك الساسة محاولة الإدعاء بأنهم يمثلون المزاج الشعبي لبلادهم بشكل مغاير للحقيقة، وما الذي يجعل الرئيس الأمريكي جو بايدن يكرّر عبارات مثل “أنا صهيوني”؟

يبدو أن ساسة أمريكا شعروا بالندم على القرار الذي اتخذوه مؤخراً في السماح للإسرائيليين بدخول الولايات المتحدة بلا فيزا وهذا ربما سيساعد في زيادة تخلخل هذا الكيان المركب من خلال زيادة الهجرة المعاكسة من داخل الكيان إلى خارجه، وربما هذا قد يفسر كثافة الزيارات لمسؤولي الغرب إلى الكيان خلال العدوان على غزة، حيث يحاولون نقل توحشهم إلى هذا الكيان بأقصى ما يمكن، ليكرروا ما أقدموا عليه داخل أمريكا من حروب عنصرية وفي أمريكا اللاتينية واليابان وفيتنام والعراق والقائمة تطول، وتشهد بأبشع ممارساتهم التي ليس أصعبها الاستيطان والإبادة والتهجير. فهم ليسوا أبداً ضدّ قتل الشعب الفلسطيني لكنهم بصراحة شعروا بـ”قليل من الإحراج” إبان العدد المتفق عليه للمذابح بحق الشعب الفلسطيني، فنجد مثلاً وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن وبصراحة يقول: “القتل زاد عن اللزوم”!.

بالمقابل فإن المركزية الأوروبية قد تختلف بعض الشيء عن أمريكا لجهة إطلاق بعض المواقف المؤيدة لوقف إطلاق النار، كما تحاول التفريق بين المقاومة الفلسطينية من جهة والشعب الفلسطيني من جهةٍ أخرى، فبدلاً من تهجير الشعب يطمحون لتسليمه إلى سلطات مرتهنة تحكمهم لتنفيذ أجندات “إسرائيل”، ولا ننكر هنا بعض المواقف الغربية القليلة لإسبانيا وإيرلندا وبلجيكا التي أيدت حقوق الشعب الفلسطيني. لكن بالمجمل فإن أوروبا الغربية تمنح ما تدعيه

“حق الدفاع عن النفس” لكيان الاحتلال، ما يعبّر مجدداً عن التماهي الغربي مع “إسرائيل”، وهذا طبعاً نابع من الرؤية الغربية للعالم “من أحشائه”؛ فهم كانوا وما زالوا ينظرون لأغلبية الشعوب والقوميات والديانات نظرة دونية، ويدعمون هذا الكيان منذ ما يقارب الـ8 عقود، بل منذ بداية أطماعهم في قناة السويس لأن محاولاتهم مستمرة في “هزم” العرب للانتقال إلى “هزم” شعوب أخرى عبر العالم.

إن هذا التطرّف والتوحش جعل من عالم الجنوب جبهةً أكثر تماسكاً ضدّ ساسة المركزية الأوروبية وأمريكا الذين تحركهم اعتباراتهم الشخصية في اتخاذ القرارات، بشكل أثبت فعلاً الخلفية الأيديولوجية الغربية المتطرّفة التي لم تنتج سوى تنظيمات متطرّفة ليس آخرها “القاعدة” و”داعش”، أو كيانات مجمعة ومركبة كـالكيان الصهيوني.

وبالنهاية فإن ساسة أمريكا من ديمقراطيين وجمهوريين، وساسة أوروبا الغربية سواءً في اليمين الصاعد أو من قبله اليسار الذي دمّر وهجر وساعد في الكثير من الغزوات والحروب، هم واحد في موقفهم إبان الكيان الصهيوني، بل ومن أغلب الشعوب، ولن يكّفوا عن دعم “إسرائيل” لأنها أرخص قاعدة يظنونها ستسبب  “هزائم الدومينو” لكل الشعوب التي هي “أدنى من المستوى”.

بشار محي الدين المحمد