ارتفاع أسعار الفائدة تهديد حقيقي.. هل الاقتصاد العالمي بخير؟
البعث – وكالات
حذّر تقرير اقتصادي عالمي من فشل سياسة رفع أسعار الفائدة -والتي تنهجها اقتصادات عديدة حول العالم- في كبح جماح التضخم وتكريس نمو مستدام، وقال التقرير إن الاقتصاد العالمي يشهد نمواً قوياً يفوق التوقعات، ورغم التهديدات المحتملة، فإن هذا النمو الحالي غير مستدام.
وأضاف التقرير أن الاقتصاد القوي يعزّز التوقعات برفع أسعار الفائدة، مما يؤدي إلى زيادة تكاليف الاقتراض وتأثيرها السلبي على الشركات والأسواق العقارية، ولفت إلى أن الديون الحكومية المرتفعة والعجز المالي يضعفان الموقف الاقتصادي، ويعرّضان الحكومات لمخاطر الارتفاع المستمر في أسعار الفائدة.
وأوضح التقرير أنه حتى مع احتدام الحروب وتفاقم المناخ الجيوسياسي، ظل الاقتصاد العالمي مصدراً للبهجة، فقبل عام واحد فقط، اتفق الجميع على أن أسعار الفائدة المرتفعة من شأنها أن تؤدي إلى الركود قريباً، لكن الآن أصبح حتى المتفائلون في حيرة من أمرهم.
وقال: “لقد انتعش الاقتصاد الأميركي في الربع الثالث بشكل مذهل وبلغ 4.9%. وفي مختلف أنحاء العالم بدأ معدل التضخم في الانخفاض، كما ظلت البطالة منخفضة في الأغلب الأعمّ، وربما توقفت البنوك المركزية الكبرى عن تشديد سياساتها النقدية، لكن من المؤسف أن هذه البهجة لا يمكن أن تستمر، إذ إن أسس النمو تبدو اليوم غير مستقرة وسط تهديدات كثيرة”.
وأضافت أن الاقتصاد الذي لا يمكن كبحه قد شجّع الرهانات على أن أسعار الفائدة -على الرغم من أنها لم تعد ترتفع بسرعة- لن تنخفض كثيراً.
واعتبر التقرير أن ارتفاع أسعار الفائدة يشكّل مصدر خطر، وقال “لأن أسعار الفائدة المرتفعة من المرجح أن تستمر، فإن السياسات الاقتصادية الحالية سوف تفشل، وكذلك النمو الذي عزّزته تلك السياسات”. وحذّر التقرير من أنه عندما تستنفد احتياطات المدخرات الفائضة لدى الأسر، وخاصة في أميركا، فإن أسعار الفائدة المرتفعة ستبدأ في إحداث تأثير مؤلم، هذا الأمر من شأنه أن يرغم المستهلكين على الإنفاق بحرية أقل. وقال: “ستبدأ المشكلات في الظهور في جميع أنحاء الاقتصاد العالمي، إذا ظلت أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول”.
وتحدث التقرير عن أن حالات إفلاس الشركات في أوروبا وأميركا بدأت في الارتفاع، ورجّح أن تضطر البنوك -التي تحتفظ بأوراق مالية طويلة الأجل وكانت مدعومة بقروض قصيرة الأجل، بما في ذلك القروض المقدمة من بنك الاحتياطي الفدرالي- إلى زيادة رأس المال أو الاندماج لسدّ الفجوات التي أحدثتها ميزانياتها العمومية بفعل أسعار الفائدة الأعلى.
وأشار التقرير إلى أن الديون الحكومية في العالم الغني أصبحت الآن أعلى، كحصة من الناتج المحلي الإجمالي، من أي وقت مضى، وبيّن أنه عندما كانت أسعار الفائدة منخفضة كان يمكن التحكم حتى في الديون الكبيرة، أما الآن بعد أن ارتفعت أسعار الفائدة، باتت فواتيرها تستنزف ميزانيات الدول.
وحذّر التقرير من أن “سياسة الارتفاع لمدة أطول تهدّد بتحريض الحكومات ضد محافظي البنوك المركزية الذين يستهدفون التضخم”، وبيّن أن أسعار فائدة أعلى لمدة أطول من شأنها أن تدفع المستثمرين إلى التشكيك في وعود الحكومات بإبقاء التضخم منخفضاً وكذلك سداد ديونها.
وأوضح أن هذه الضغوط تجعل من الصعب أن نرى كيف يمكن للاقتصاد العالمي أن يحقق العديد من الأشياء التي تتوقعها منه الأسواق حالياً، وهي: تجنب الركود، وانخفاض التضخم، ومواجهة الديون الهائلة، وأسعار الفائدة المرتفعة، كل هذا في الوقت نفسه.