(أربعائيات بحكم المنطق … ولاشيء غير المنطق).. البعث في رحاب الجمهورية السادسة (2)
د. مهدي دخل الله
حزب البعث جزء من المجتمع المدني ، وهذا المجتمع ينقسم إلى قسمين : مجتمع سياسي ويشمل الأحزاب ، ومجتمع مهني ويضم النقابات والمنظمات الشعبية ، كما يضم مجموعات المصالح ( غرف الصناعة والتجارة والزراعة وغيرها ) ، ويضم أيضاً مجموعات الضغط والتأثير
( أدباء وعلماء وفنانون مميزون وشخصيات اجتماعية وثقافية مؤثرة ) . أما المجتمع الأهلي ، فهو غير سياسي وغير مصلحي أو مهني ، ويشمل الجمعيات الخيرية ، والمجموعات التطوعية ، والعشائر ( مجموعات القرابة ) ..
ذكرت في هذا المكان قبل أسبوع مراحل التجديد في حزب البعث على مستوى الفكر ، منذ تأسيسه عام 1947.. كان الهدف من ذاك العرض إظهار قدرة البعث على التأقلم مع الواقع المتغير من أجل التأثير عليه . فلا يستطيع أي حزب أن يؤثر على الواقع إن لم تكن لديه القدرة على التأثير الذاتي أولاً .. ويؤكد المنطق ، كما تؤكد التجربة ، أن التطوير الذاتي داخل الحزب شرط لابد منه لتطوير الواقع ، أي المجتمع والدولة . وقد سقطت أحزاب كبرى في العالم لأنها حاولت تطوير الواقع حولها دون أن تطور نفسها قبل كل شيء ..
ولما كان دستور الجمهورية السوريــة السادســـة (2012) مستنداً إلــــى مبادئ النظــام شبــــه الرئاســي ( الجمهورية الخامسة في فرنسا منذ 1958 ) ، كان لا يجوز إعطاء أي حزب مكانة تفضيلية في الحياة السياسية بما في ذلك البعث .
اليوم ، يعمل البعث على تعزيز صلاته بالمجتمع عبر عدة أساليب وبرامج . فالحزب جزء من المجتمع المدني ، وليس مؤسسة رسمية من مؤسسات الدولة ، أي أن المجتمع هو مجال عمله الأساسي . وتأثيره في النقابات والمنظمات الشعبية لا يجوز أن يكون مؤسسياً ، وإنما يتم بشكل غير مباشر عبر أعضائه قي قيادات النقابات وقواعدها . وقد شهدت السنوات الأخيرة تحولاً نوعياً في هذا المجال ، حيث لم تعد قوانين النقابات وأنظمتها الداخلية تتضمن أي إشارة للحزب كجهة مشرفة . وأيضاً ينبغي حذف وزارات الدولة المعنية أيضاً كجهة مشرفة . فالحركة النقابية ينبغي أن تكون مجتمعية بكل ما في المصطلح من معنى .. كما أنه لابد من وضع قانون عام صالح للحركة النقابية بكاملها ، وليس أن يكون لكل نقابة قانونها ، على أن تكتفي النقابات بأنظمتها الداخلية الخاصة بها .
mahdidakhlala@gmail.com