قرصنة واشنطن في البحر الأحمر
تقرير إخباري
تحاول الإدارة الأمريكية جاهدة تحريض الرأي العام العالمي على اليمن فيما يخص عرقلة حركة الملاحة في البحر الأحمر، في الوقت الذي تصرّ فيه اللجان الشعبية اليمنية على أنها تمنع فقط السفن المتجهة إلى الأراضي المحتلة أو المملوكة من الكيان الصهيوني من المرور عبر باب المندب، وبعد العدوان الأمريكي البريطاني الأخير تم إدخال سفن الدولتين ضمن هذه المعادلة.
فقد رأت وكالة “بلومبرغ” الأميركية أنّ الولايات المتحدة تعاني “عجزاً واضحاً” في الشرق الأوسط، مرجعةً ذلك إلى صمود اليمن الذي جعل من الضربات السابقة والحالية عليه “دون تأثيرٍ يُذكر”.
هذه السياسة تتعثّر في واقعٍ فوضوي، لأنّ الأمور في المنطقة “لا تسير على ما يرام بالنسبة للولايات المتحدة”، إذ إن الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة ضدّ اليمن، لم تمنع تصعيد الهجمات على السفن، وما دامت الحرب في قطاع غزّة مستمرة، فإنّ اليمنيين سيواصلون حملتهم ضدّ سفن الشحن المتجهة إلى “إسرائيل”.
وقالت الوكالة: إنّ “كل من تابع مقاومة اليمنيين الشديدة لسنواتٍ من الغارات الجوية لدول العدوان، كان يجب أن يعرف أنّ الهجمات الأميركية والبريطانية على الحركة لن يكون لها تأثير يُذكر”.
ومع عجز الحركات الاستعراضية التي قامت بها كل من واشنطن ولندن بقصف بعض الأماكن في اليمن للإيحاء بأنهما قادرتان على التحكّم بالمشهد، عاد اليمنيون لاستهداف جميع السفن الصهيونية والأمريكية والبريطانية، ولم تستطع الدولتان حتى الآن إقناع العالم بأن ما تقومان به إزاء اليمن له علاقة بضمان حرية حركة الملاحة في المضائق والممرات الدولية، إذ إن اليمن أعلن صراحة أنه سيحافظ على مرور سلس للبضائع عبر البحر الأحمر ما دامت هذه البضائع غير مملوكة للكيان الصهيوني، ومن هنا صار لزاماً على واشنطن أن تبتكر طريقة أخرى للفت نظر هذا العالم إلى ضرورة التعاطف معها في حملة من خارج مجلس الأمن الدولي تشنّها على اليمن، ظنّاً منها أن باستطاعتها جرّ العالم إلى مواجهة في البحر الأحمر يدرك سلفاً أنه هو الخاسر فيها.
وبعد يقينها المطلق أن جميع الدعاية التي مارستها لإقناع هذا العالم بضرورة الوقوف إلى جانبها في حربها على اليمن فشلت في الوصول إلى مبتغاها، قرّرت القيام بمنع هذه السفن من عبور البحر الأحمر بالنيابة عن القوات اليمنية المتهمة بذلك، حيث ظهرت مجموعة من التقارير تشير إلى أن البحرية الأمريكية تعيق مرور سفن الشحن التي تمر عبر باب المندب بسلام بمنعها من المرور عبر قناة السويس واحتجازها في البحر الأحمر، وذلك للقول للعالم إن اليمن يمارس قرصنة على جميع السفن المارة عبر البحر الأحمر، وليس فقط السفن الصهيونية أو الأمريكية والبريطانية، وربما تكفي عسكرة البحر الأحمر التي تمارسها واشنطن ولندن لإقناع الكثير من السفن بتغيير مسارها إلى رأس الرجاء الصالح، وإذا لم يتغيّر مسارها إلى هناك فإنها ستصبح مضطرة للتوقف في ميناء إيلات وإفراغ حمولتها هناك، وهذه قرصنة كاملة تمارسها الولايات المتحدة و”إسرائيل” في قناة السويس.
وواضح طبعاً أن العجز الأمريكي عن اتخاذ قرار منفرد باجتياح اليمن هو الذي يحرّك لديها كل هذه المخططات الفاشلة التي لا يحتاج العالم إلى كثير عناء حتى يكتشفها.
طلال ياسر الزعبي