التعويضات السنية.. مطالب بتمديد سنوات الدراسة إلى 4 سنوات وتشكيل نقابة خاصة بالخريجين
دمشق- رحاب رجب
تتفاوت النظرة إلى مخابر الأسنان بين من ينظر إليها على أنها حرفة مستقلة لها علاقة بالرسم المعماري أو الفنون الجميلة، ومن يراها مكمّلاً لمهنة طب الأسنان، فالمهنة من حيث الدراسة تابعة لوزارة التعليم العالي، حيث يدرس الطالب مدة سنتين في المعهد التقاني لطب الأسنان، ولا تلتزم الوزارة بتأمين فرص عمل للخريجين، بينما يتمّ التعامل معها مهنياً على أنها حرفة كغيرها من الحرف.
ومن أبرز تحدّيات هذه المهنة أنه لا يوجد نقابة خاصة بها حصراً، حيث تندرج تحت نقابة التمريض والمهن الصحية والطبية، وذلك طبعاً يعدّ سبباً واضحاً في تفاوت التكاليف بين مخبر تعويضات سنية وآخر، فضلاً عن عدم حفظ حق المخبري والطبيب في الوقت نفسه، حيث إن عمل المخبري يكون بعد إرسال الطبعة الفموية التي يأخذها الطبيب في العيادة.
وتمرّ عملية صنع التعويض السني بعدة مراحل تقنية، من خلال معدات وأجهزة ومواد باهظة الثمن أغلبها مستورد، وقد شكّلت ظروف الحصار التي تعانيها البلاد زيادة في أسعار المواد الأولية الداخلة في هذه الصناعة، الأمر الذي رتّب أعباء كبيرة على المخبري، فضلاً عن إقلاع عدد كبير من الناس عن القيام بعمليات أساسية تتعلق بحماية الأسنان بشكل عام وتجميلها نتيجة ضعف القدرة المادية لديهم واكتفائهم بتأمين حاجاتهم من المواد الأساسية، لتصبح عملية صيانة الأسنان في المرتبة الأخيرة على سلّم أولويّاتهم.
والطامة الكبرى في هذا المجال أن بعض الناس لجأ إلى فتح مخبر دون الحصول على شهادة من المعهد، باعتبارها حرفة ويمكن تعلّمها تحت إشراف المخبري بعد ممارستها فترة معيّنة، شأنها شأن سائر الحرف التي يتم تعلّمها في ورشات الصيانة مثلاً، والعلّة في ذلك عدم وجود جهة معيّنة تراقب عمل هذه المهنة وتحدّد ما لها من حقوق وما يترتّب عليها من واجبات، فضلاً عن كون هذه المهنة قابلة للعمل في الظل وربّما المزاولة من داخل المنزل، الأمر الذي يجعلها بعيدة نسبياً عن الرقابة، وخاصة الرقابة المالية، حيث لا يخضع أصحاب هذه المهنة في الأغلب لتكليف مالي أو ضريبي. ويقتصر عمل اللجنة النقابية المسؤولة عن هذه المهنة على المشاركة في المؤتمرات والملتقيات الخاصة بطب الأسنان، إذ تمنح هذه اللجنة للمخبري بطاقة مزاولة مهنة بعد دفع رسوم معيّنة لها.
بسام “مخبري أسنان” قال: مهنة تعويضات الأسنان أولاً شأنها شأن الفنون الجميلة أو هندسة العمارة، يجب أن يخضع الطالب فيها لامتحان قبول حتى لو حقّق شرط المعدل المناسب، إذ لا بدّ من وجود موهبة لدى الطالب أو ميل واضح لهذه المهنة، لأنه إذا لم يتحقق هذا الشرط منذ البداية فإننا سنخرّج طالباً فاشلاً إلى سوق العمل.
وأضاف: يجب أن تكون الدراسة أربع سنوات بدلاً من سنتين، سواء أكان التصنيف معهداً أم كلية كي يتمكّن الطالب من مزاولة المهنة مباشرة بعد التخرج.
مازن قنّاص عضو المجلس المركزي لنقابة التمريض والمهن الصحية والطبية، أكّد أن كلّ دول العالم تدرّس هذه المهنة خلال أربع سنوات، ومع أننا نعدّ من المؤسّسين لهذه المهنة عالمياً، إلا أننا لا نزال متخلّفين في هذا الجانب، فمدّة الدراسة لا تتناسب مطلقاً مع التطوّر الحاصل فيها محلياً على الأقل، وقد اقترحنا أن تكون الدراسة أربع سنوات يتمّ التخرّج فيها إلى سوق العمل مباشرة، وكذلك اقترحنا زمالة سورية في هذه المهنة حتى يتمّ تخريج عناصر مؤهّلة للمهنة.
قنّاص أشار إلى أن الضريبة المالية المفروضة على المخبريين 27%، بينما ضريبة أطباء الأسنان هي 22% فقط، مع العلم أن الأجور تذهب فعلياً إلى طبيب الأسنان، وبالتالي فإن الضريبة العالية تفرض على أغلب المخبريين العمل في الظلّ من خلال المنازل أو الأقبية بعيداً عن أعين الرقابة المالية.
وأضاف: يتمّ سنوياً تخريج ألفي طالب من أربعة معاهد تعويضات، أحدها خاص، والباقية حكومية، وإذا كان كلّ عشرة أطباء يتعاملون مع مخبري واحد، فإن هذا الأمر يجعل الدخل المتاح للفني ضئيلاً ولا يفي مطلقاً بحاجته المادية، لذلك يجب العمل على تقنين أعداد الأطباء بما يتناسب مع عدد المخبريين للوصول إلى هذه الجدوى، فالنقابة بالمحصّلة تحاول أن تؤمّن جو عمل مناسباً للمخبري، غير أن الواقع الحالي لا يسمح بذلك.
وفي الختام، لفت قناص إلى أن هناك عملياً من يستطيع ممارسة المهنة دون شهادة بوصفها حرفة يمكن تعلّمها، شأنها شأن المعالج الفيزيائي أو الممرّض، لأنه لا توجد على الأرض آلية لضبط الموضوع.