ثقافةصحيفة البعث

علي الحاج: الشعر تلميحاً أجمل منه تصريحاً والمنبر هو المنبر

هويدا محمد مصطفى

كلمات تعبر برفقة الياسمين، تحمله على خارطة الشعر باتجاه مغامر، وهو صوت الماضي المتجدّد.. شاعر يأخذك إلى عالم القصيدة، ويتقن بلاغته الشعرية في جعل القصيدة تترك بصمة في ذهن المتلقي، يكتب القصيدة العمودية وكأنه يعزف على سيمفونية الشعر بموسيقا ومجازات متنقلة لتصل إلى المتلقي في حديقة النص المفتوح.. الشاعر اللبناني علي الحاج يكتب قصيدته عابراً بها ضفاف الجمال وياسمين الشام، وللتعرف أكثر على عالمه، كان لنا معه هذا الحوار.

يحاول الشعر المرور بين تفاصيل الأشياء ويأخذك إلى عالمه، فكيف كانت بدايتك ومن كان له الفضل في ذلك؟.

بداية اسمحي لي أن أزيد على مقولة “محاولة الشعر المرور بين تفاصيل الأشياء”، وأقول إن الشعر هو نبض الوجود أجمع، وللوهلة الأولى نظنّ أنه يحاول أخذنا إلى عالمه وكأنه مفصول عنا بل هو فينا ومنا، لون نبضاتنا، وصورة خلجات الأفئدة، وقد أصبح  فينا نبض الحياة، فكما أن الحياة فينا تبدأ من ذاتها في لحظة ما في ذروة النشوة كشرارة وتصير ناراً ونوراً فبقدر احتراقنا تزداد أنوار الشعر فينا، فقد بدأت كتابة الشعر منذ طفولتي، كتبت عن الطبيعة، وتأثرت بكلّ الأحداث والمواجع التي حصلت في عالمنا، فكتبت الكثير وكانت حروفي تنهض بروحي المتعبة لتشق الضوء إلى نافذة الحياة، وطبعاً الأنثى هي من تأخذ بيدي وتنثر عبير أنوثتها بقصائدي لتورق وتزهر والربيع.

تكتب القصيدة العمودية والشعر المحكي.. من خلال تجربتك ومشاركتك في لبنان وسورية أيهما وجدت أنّه الأقرب إلى المتلقي، ولماذا؟.

القصيدة العمودية تكتبني، وأجد نفسي من خلالها، أما بالنسبة للشعر المحكي فهو الأقرب إلى قلوب العامة، سواء في سورية أم في لبنان، وأنا أحبذ النظم والإلقاء بالفصحى لتصبح لغة العامة فهي أجمل وأكمل وأشمل.

نلاحظ وجودك في معظم الأنشطة التي تقام في سورية، ألا تجد صعوبة في ذلك؟ وما الذي يدفعك للبقاء والتواجد في معظم المشاركات الأدبية؟.

سورية هي بلدي الثاني الذي أعتز به، وليس هناك صعوبة بمعنى المشقة الضارة، بل هناك متعة ولذة تستنبطها تلك المشقة، ولأني أعشق سورية العروبة والقيم والمبادئ وأجد فيها مرآة لذاتي في الكثير من شعرائها وأدبائها ولديّ أصدقاء وأخوة يدعوني إلى التواجد في الكثير من الفعاليات الشعرية والأدبية، وأنا مسرور جداً بتلك المشاركات التي تمتزج فيها حروفي مع جمال الطبيعة ومحبة المتلقي.

هل لديك طقوس معينة في الكتابة؟ وما الذي يؤثر فيك ويجعلك تكتب من دون استئذان؟.

عندما تتفجر الينابيع وتفيض السواقي لا تستأذن الزمن ولا التاريخ، بل تصنعه، والشعر فينا كذلك هو يكتبنا وليس العكس، فالقصيدة تكتبني وأنا بحالة معينة، فلا أجد نفسي إلا بين الحروف وتنهيدة الحبر لتولد قصيدتي بلا زمان أو مكان.

الواقع والحرب عنوان قصائدك، ماذا تحدثنا عن ذلك والمواضيع التي تكتب عنها؟.

سبق وقلت إن الشعر هو نبض الحياة، والواقع يفرض نفسه في كل الأمكنة والأزمنة وكل إناء بالذي فيه ينضح، الحرب والمعاناة، وما حدث في سورية ولبنان جعل قصائدي تنزف وتتألم.

هل أنت جريء في كتاباتك؟ وما مدى هذه الجرأة في قصائدك؟.

لست جريئاً، بل أحاول أن أكون جريئاً، وأنا أعتقد أن مجرد طرق باب الشعر هو شجاعة بحدّ ذاتها، وعندما يكون الشعر تلميحاً هو أجمل منه تصريحاً، أكتب بجرأة حين أجد نفسي بحالة ضعف، ربما الشعر هو سلاحي للتعبير عن مكامن الذات.

ما هي المزايا التي تجعل القصيدة ناجحة؟ وهل لاسم الشاعر علاقة بذلك؟.

أكيد.. لاسم الشاعر وثقافته وشخصيته تأثير في جمالية القصيدة ومتانتها، فهناك من ينتظر قصائد بعض الشعراء.. طبعاً كل شاعر هو من يترك بصمته وجمهوره.

لمن قرأت وبمن تأثرت؟.

قرأت لأغلب الشعراء المشاهير، كعنترة والمتنبي وأبو فراس وأبو تمام ووو… وفي العصر الحديث طبعاً جبران وإيليا أبي ماضي والقروي وأحمد شوقي، وتأثرت كثيراً بشاعر العرب نزار قباني.

من المعروف أنك شاعر ارتجالي، ماذا تحدثنا عن ذلك؟.

ليس هناك شيء اسمه منبر ارتجالي ومنبر غير ارتجالي، المنبر هو منبر، والشعر هو مكنون الشاعر وجوهره،  وكما قال المتنبي: “وللنفس إماراتٌ تدلّ على الفتى أكان سخاءً ما أتى أم تساخيا”، لديّ قدرة الحفظ وأجد نفسي أرتجل الشعر وأبحر في عوالمه أمام تفاعل المتلقي وانسجامه.

أين المرأة في قصائدك؟ ومن هي المرأة التي تجعلك تبدع؟.

المرأة هي تلك الأنثى التي تجعل مني شاعراً، وهي التي تسكن حروفي وتسكنني حدّ الجنون، أما المرأة التي تجعلني أبدع فهي حواء التي اختارها آدم وطاوعها لاكتشاف أسرار الغرام والحياة وتبعها إلى جنتها.