“الحلقة الأضعف”
معن الغادري
لا شك أن تراكم الخبرات إلى جانب مخزون القدرة المعرفية في مقاربة مجمل القضايا والملفات، على تنوع مسمياتها وأهميتها، يشكلان كنتيجة منطقية، المقياس والمعيار لنجاح وتميز أي مشروع أو عمل فردي أو جماعي.
وخلافاً لذلك، من الطبيعي أن تأتي التجارب فاشلة والنتائج سلبية ومخيبة، وهو ما يقودنا إلى الحديث عن العديد من الجوانب والمحطات في مضمون وجوهر الخطط والبرامج وبطبيعة وآليات العمل المختلفة، إذ يمكن القول والتأكيد، بالنظر إلى مفردات وتفاصيل الجزء الأكبر من خريطة العمل الميداني، أنها لم تكن على مستوى المأمول، بل كانت في جلها، مضيعة للوقت وهدر للمال، وبالتالي كان طبيعياً أن تتسع الفجوة والهوة بين الجانب الخططي من جهة والعمل التنفيذي على الطرف الآخر، وهو ما يفسر تعثر وتعطل عشرات المشاريع.
وبعيداً عن التعميم، وللإنصاف، نجد أن البعض – وهم قلة – نجح إلى حد بعيد في استثمار وتوظيف الإمكانات والخبرات والقدرات المعرفية الفردية والجماعية في التكيف مع المتغيرات والمتبدلات الطارئة والمستجدة، والتحكم في بيئة ومناخات العمل، وهو ما يثبت ما ذهبنا إليه بأنه لا يمكن فصل عامل الخبرة والكفاءة عن الحالة المعرفية، والمفترض أن تحيط بكل جوانب العمل وتفاصيله.
وما نود الإشارة إليه في هذه العجالة، وفي ضوء ما تعانيه منظومة العمل المؤسساتي (الحلقة الأضعف!!) أن الكثير ممن يسمون بالصف الأول من الموظفين، في حلب على وجه التحديد، لا يستوفون الشروط والمعايير آنفة الذكر، بل وجودهم في دفة قيادة العمل ارتكز أساساً على العلاقات الخاصة والمحسوبيات والمنفعة المتبادلة، وهو ما تؤكده الوقائع وحالات الخلل والقصور والفساد التي باتت تشكل السمة الأبرز للعديد من المديريات والمؤسسات دون ذكر أسمائها.
هذا المؤشر غير المرضي، لجهة الممارسة والنتائج والمردود، يحتاج إلى قرارات شجاعة ومدروسة قادرة على إحداث تغيير ملموس في الشكل والمضمون. وبإيجاز أكثر، لا بد لمشروع الإصلاح الإداري أن يتقدم أولويات العمل الحكومي كإستراتيجية عليا خلال هذه المرحلة تحديداً، وأن تتبع سياسات جديدة تؤدي إلى كل تلاقي كافة المسارات ضمن بوتقة توحيد الجهود والربط بين القدرة المعرفية والإنتاجية للفرد والجماعة مع الأهداف الاستراتيجية لتكون النتائج على المديين القريب والبعيد بمستوى الآمال المعقودة، وبما يؤسس لحلقات عمل وانتاج متكاملة ومتراصة مستوفية لكل شروط النجاح والتميز.